الدكتور عثمان الطاهات
يظهر من تحليل الاستراتيجية المتبعة من الإعلام الروسي والأمريكي، أن الحرب الإعلامية باتت جزءا لا ينفصل عن مجريات الحرب الحقيقة، بل هي المعركة الأهم لتسويق وشرعنة الحرب من جانب الروس أو مقاومتها ومناهضتها من الجانب الأمريكي، لذلك فإنه من المرجح أن يتخذ كل منهم ما يلي:
الجانب الأمريكي: سوف يستهدف الجانب الأمريكي من خلال الآلة الإعلامية إطالة أمد الحرب إلى أقصى درجة ممكنة، إذ يعلم الجانب الأمريكي أهمية استنزاف الروس في حرب طويلة في ظل وضع اقتصادي صعب في الداخل الروسي، إضافة إلى أن إطالة أمد الحرب يفقدها شرعيتها ويكون رأيا عاما ضاغطا لإنهائها وإنهاء معاناتها وتكليفاتها. هذا الى جانب اعتماد الآلة الإعلامية الأمريكية على إظهار ضحايا جراء الحرب موالين للروس أو يتحدثون الروسية أو من علاقات المصاهرة بين الروس والأوكرانيين فيما يعرف باسم السلافيين الشماليين، وهو ما يمثل ضربة قاسمة للحلم القومي الذي يتحدث عنه بوتين وهي الاستراتيجية التي سوف تظهر من اليوم التالي للحرب.
أما الجانب الروسي: فسوف يعتمد على استراتيجية تطبيع السلوك، بمعنى جعل السلوك الذي كان لحدّ اللحظة منفرًا، شيئًا طبيعيًا، وهذه الاستراتيجية سوف تكون موجهة إلى الرأي العام الأوكراني والأوروبي بالأساس فهو يعتمد على كثرة المعلومات المتضاربة التي تصعّب من اتخاذ القرار المناسب، ومنه يدخل الفرد في دوّامة من الحيرة حتى يبدو تائها وجاهلا حول ما يجري، ويزيد العبء النفسي والذهني عليه، فيلوذ بقبول ما لا ينبغي القبول به، طمعا في النجاة من هذه الدوامة، وهذه تحديدا هي الغاية، فهو سوف ينتهج سياسة مفادها أن التدخل هو دفاع عن الجمهوريات المستقلة، وأن أي تحرك مضاد هو اعتداء لابد من مقاومته بكل بقوة وتحقيق انتصارات سريعة متتالية في وقت قصير. ليصبح الأمر الذي كان منفرا من الأمور المقبولة والمسلم بها.