الدكتور عثمان الطاهات
فى عصر العولمة الرقمية انتقلت ساحة المعركة إلى الوسائل الافتراضية عوضا عن المواجهات المباشرة فعلى سبيل المثال انتقل التجنيد من قبل الاجهزة الامنية العالمية من الطرق المباشرة والتى اعتدناها سابقا فى الأعمال السينمائية إلى وسائل التواصل الاجتماعى والذي عرف فى بعض الأحيان بالتنمر الإلكترونى وفى أحيان أخرى بالإرهاب الإلكترونى نظراً لأنه ينتشر فى وسائل التواصل الاجتماعى، وفى حقيقة الأمر فالحروب النفسية والشائعات الآن أصبح موطنها الأصلي هو العالم الافتراضى ووسائل التواصل الاجتماعى بنسبة تتخطى 90 بالمائة، ولكن نقصد هنا بالحرب النفسية الإلكترونية أو التنمر الإلكترونى أو الإرهاب الناعم هو طريقة استخدام محددة وهو ممارسة هذه الأساليب ( التنمر، الإرهاب ) بالكتابة أو فى صور أو ?يديوهات لإخافة وإرباك آخرين، لإيقافهم في ابداء رأيهم فى منابرهم.
فنجد مثلاً فى الصفحات الرسمية للوزارات والحكومات المختلفة، ومن المعروف أن الصفحات الرسمية لهؤلاء هى صفحات إخبارية من الطراز الاول ومن المفترض أن يدخل عليها المهتمين بتلك الأخبار ثم أصحاب الشكاوى ثم أصحاب الاقتراحات، ولكن تتفاجئ بوجود جيش من الإرهابيين الإلكترونيين كل هدفهم التقليل من شأن الحدث والتشكيك فى الحدث والهجوم اللاذع على شخص الصفحة ( المسؤول) وتكييل الاتهامات، والهدف الأهم فى هذه الحالة هو إيقاف تقدمك نحو هدفك وإبداء رأيك والإعلان عن تأييدك للشخص أو للحكومة أو للدولة.
وتنتشر هذه الظاهرة فى التعليقات وليس فى صورة منشور مستقل حتى إذا ما قررت التعليق فتجد أمامك مجموعة من الزعران يتناوبون الاعتداء على الأبرياء أمثالك بهدف إشاعة الذعر ومنع رغبتك فى الكتابة خوفاً من الإصابة باللعنات والشتائم.
فتمرير أكاذيبهم عبر التعليقات هو أحدث الوسائل المستخدمة فى إرهاب المواطنين الصالحين. هو لا ينتظر دخولك إلى صفحاته المشبوهة، ولكنه يهرول إلى صفحاتك أنت أيضاً يغزوها لينفرك منها ومن أرائك ويحيط مجتمعك الإفتراضى البسيط، حتى يصيبك بالإختناق فتسرى عليك أحكام الدعاية وتكون فريسة سهلة من كثرة تضييق الخناق تماماً كدور الاعلانات التى تحيط بك فى الشوارع والميادين فمن شأنها التأثير على عقلك اللاواعى حتى يتخذ عقلك الواعى القرار بتجربة أى من هذه المنتجات التى اقتحمت طريقك أثناء الذهاب أو العودة.
وفى هذه الأثناء لا نغفل عن دور الشائعات التى من شأنها التأكيد على عمليات الإلهاء، فالاستراتيجية الأفقية تعمل بكل الأسلحة فى وقت واحد بخلاف ما كان يتم العمل به قديما يتم بشكل فردى، حيث تُطلق الشائعة تلو الأخرى بعد أن تكون الأولى قد أتت ثمارها، وتطلق أدوات الحرب النفسية تلو الأخرى بعد أن تكون قد نصبت الفخ وتم اصطياد الفريسة إنما اليوم تطلق جميع القاذفات الإلكترونية أسلحتها فى وقت واحد وبشكل مستمر لتنفيذ عمليات الإرباك العقلى وعدم التوحد والخروج بقرار حاسم.