د. زيد مُعين المراشده
منذ أن اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني عرش المملكة عام 1999، والأردن يشهد تحولات كبرى في مختلف القطاعات، جعلت من الدولة الأردنية أنموذجاً في الثبات والتقدم.
وتحت راية القيادة الهاشمية، تمضي المملكة في مسارات تحديثٍ ثلاثية: سياسية واقتصادية وإدارية، ترسخ قواعد الحكم الرشيد وتوسع دوائر المشاركة وتعزز مكانة المواطن محوراً للتنمية وغايتها.
وما كان لهذه المسيرة أن تبلغ ما بلغته لولا رؤية ملكٍ أدرك منذ اللحظة الأولى أن القرب من الناس هو أساس الحُكم العادل، وأن التنمية لا تستقيم إلا بمشاركة الجميع، فمن أقصى الشمال إلى البادية الجنوبية، من السهول إلى الجبال، لا تخلو بقعة في الوطن من أثر زيارة ملكية، أو بصمة مبادرة تنموية، أو مشروع حيوي أطلقه جلالته لتوفير حياة كريمة لأبناء شعبه.
لقد باتت المبادرات الملكية مرآة تعكس نهجاً هاشمياً أصيلاً، يتلمّس احتياجات المواطنين بواقعية، ويستنهض طاقاتهم بفعالية، ويوظف الموارد الوطنية بإبداع ومسؤولية، ففي كل زيارة ملكية، هناك مشروع جديد، أمل متجدد، وشاهد حي على التزام لا يعرف التردد في خدمة الوطن وأهله.
ولا يقف العطاء عند حدود الداخل، بل يتسع ليشمل قضايا الأمة؛ فالدفاع عن فلسطين ومقدساتها ظلّ على رأس أولويات جلالة الملك، في كل خطاب، وعلى كل منبر.
ومع اشتداد الأزمات، يثبت الأردن بقيادته أنه صوت الحكمة والإنسانية، ومركز ثقل في منطقة مضطربة، لا ينكفئ عن دوره ولا يساوم على مبادئه.
أما على الصعيد الدولي، فقد تمكن الأردن من ترسيخ مكانته كدولة ذات صوت مسموع ومواقف مشهودة، بفضل قيادة جلالة الملك التي جمعت بين الحكمة السياسية والبعد الإنساني، فكان حاضراً فاعلاً في المحافل العالمية، مدافعاً عن القيم النبيلة، وداعماً لكل جهد يرمي إلى إرساء السلام والعدالة.
ويُحسب لجلالة الملك اهتمامه الخاص بالشباب والمرأة، ورهانه الدائم على الإنسان الأردني، فقد وجه البوصلة نحو التعليم النوعي، وبنى على الكفاءة، وأطلق صناديق المبادرة، وسعى لجعل الأردن منارة للعلم، ومركزاً إقليمياً للابتكار والتكنولوجيا والطاقة الخضراء، عبر مبادرات تمتاز بالاستدامة والشمولية.
وفي قطاع الدفاع والأمن، تظل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية موضع فخر واعتزاز جلالته، وقد أولاهما من الدعم والرعاية ما جعلهما من أكثر المؤسسات كفاءة واستعداداً، سواء في حماية حدود الوطن أو في ميادين العمل الإنساني الإقليمي والدولي.
ويستمر جلالته، بروح الجندي وقلب الأب، في قيادة المسيرة، يؤمن بالأردنيين، ويستمد منهم العزيمة، ويبادلهم حباً بحب، وثقة بثقة.
نعم، إنها علاقة فريدة، تأسست على الإخلاص، ونضجت بالتجربة، واشتدت بالأزمات، وترسخت بالإنجاز.
إن احتفالنا بعيد الجلوس الملكي ليس احتفالاً برقمٍ يُضاف إلى سِفر الحُكم، بل هو تجديدٌ يومي لمعنى الانتماء، واستذكارٌ لرحلة وطنٍ مضى وما زال يمضي خلف قائدٍ لا يرضى للوطن إلا الأعلى.
حفظ الله جلالة الملك، وأدامه ذخراً للأردن، وسدّده لما فيه رفعة البلاد وكرامة العباد.
* أكاديمي ومحامي ومستشار قانوني / أستاذ القانون المدني المساعد