عمر ياغي… حين تُهاجر العقول ويُكرَّم الإبداع باسم وطنٍ آخر
انجاز -العالم عمر منّـس ياغي هو واحد من أولئك الذين تجسد قصصهم حكاية “هجرة العقول” العربية.
وُلِد ياغي في الأردن عام 1965 لأسرةٍ فلسطينية لاجئة نزحت بعد نكبة 1948، ونشأ في بيتٍ بسيط يفتقر للكهرباء وتُضخّ إليه المياه لساعاتٍ محدودة في الأسبوع. في ذلك البيت الصغير، بدأ وعي الطفل عمر يتشكل حول قيمة الماء، وحلم بأن يجد يومًا طريقة لتوفيره في الصحارى والمناطق الجافة.
تخرّج من الجامعة الأردنية متفوقًا، لكنه – مثل كثيرٍ من العلماء العرب – وجد في الخارج ما لم يجده في وطنه من فرصٍ وبيئة بحثية تحتضن الطموح. سافر إلى الولايات المتحدة وأكمل دراساته العليا في جامعة إلينوي، وبدأ مسيرةً أكاديمية لامعة بين جامعات أريزونا وميشيغان وبيركلي. هناك أطلق أبحاثه في تصميم مواد جديدة تُعرف باسم الأطر الفلزية العضوية (MOFs)، التي أصبحت من أهم الاكتشافات في عالم الكيمياء الحديثة لتخزين الماء والطاقة.
في عام 2021، التفتت المملكة العربية السعودية إلى هذا العقل العربي المبدع، فاستقطبته ومنحته جنسيتها بمرسومٍ ملكي، واحتضنته في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، حيث وجد بيئة علمية راقية ودعمًا لا محدودًا لمواصلة أبحاثه. هناك، اكتملت حلقات الإبداع، وتُوّج في عام 2025 بـ جائزة نوبل في الكيمياء، متسلمًا الجائزة باسم المملكة العربية السعودية التي آمنت به وقدّرته واحتضنت فكره.
لكن خلف هذا الإنجاز العالمي تكمن قصة مؤلمة عن واقع العقول العربية؛
عقولٌ تبدأ حلمها في الأزقة الضيقة والمدارس البسيطة، ثم تهاجر لتصنع مجدها في أوطانٍ تبسط لها يد الفرصة وتمنحها الثقة.
لقد فاز عمر ياغي باسم السعودية، لكنه ابن الأردن، ونتاج بيئةٍ عربية واحدة. فهل نتعلم من قصته أن الإبداع لا يحتاج إلى عبقرية بقدر ما يحتاج إلى وطنٍ يحتضن العباقرة؟