إنجاز – الكاتبة سجى بني عطا تكتب
عجلون ليست مجرد مكان على الخريطة، بل هي نبضٌ في روحي، وعنوان للحنين الذي لا يفارقني. منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها قدماي طرقاتها، شعرت أنني عدت إلى نفسي قبل أن أعود إلى أي مكان آخر. كنت طالبة جديدة، أتنقّل بين عوالم مختلفة، أبحث عن العلم والمعرفة، وأتعلم أن الحياة أوسع من الصفوف والدروس، وأعمق من الكتب التي أحملها. ومع ذلك، لم أجد جمالًا يفوق ما رأته عيناي في جبال عجلون الخضراء، وفي أشجارها التي تتمايل برقة، وكأنها تهمس للروح بكلمات لا يفهمها إلا من يحب المدينة حقًا.
كانت عجلون لي مدرسة، ليس فقط في العلم، بل في الحياة نفسها. كنت أستعيد فيها نفسي بين الطبيعة والجبال، أكتب وأحلم، وأدرك أن المكان يمكن أن يكون ملاذًا للروح بقدر ما يكون موطنًا للجسد. كلما ابتعدت عنها، كلما شعرت بشوق أعمق لها، وكأنها تذكرني دومًا بأن الجمال الذي نحمله في داخلنا يحتاج إلى مكان يعكسه.
عجلون ليست مجرد مدينة أزورها أو أعود إليها، بل هي مرآتي الداخلية، وملجأ روحي، ووجه الحنين الدائم. إنها تذكرة بأن الجمال لا يغيب، وأن القلب حين يحب، يرى العالم كله من خلال لون السماء عند الغروب، ورائحة الأرض بعد المطر، وابتسامة أي شخص يلتقيك صدفةً في الطريق.