سينما “شومان” تعرض الفيلم الألماني “خادم القيصر” غدا
إنجاز – تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء، في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، الفيلم الألماني “خادم القيصر” للمخرج فولفغانغ ستودته، وذلك في قاعة السينما في مقر المؤسسة بجبل عمان.
ويُعدّ فيلم “خادم القيصر”، والمقتبس من رواية هاينريش مان الساخرة الصادرة عام ١٩١٨، عملاً بارزاً في تاريخ السينما الألمانية، أُنتج في أوائل خمسينيات القرن الماضي، بعد ست سنوات فقط من انهيار النظام النازي، ورأى ستودته في رواية مان فرصةً لاستكشاف الجذور التاريخية للاستبداد الألماني التي بلغت ذروتها في الاشتراكية القومية، مقدّماً منظوراً نقدياً لطبيعة السلطة وتعقيدات السلوك البشري في مواجهة الاستبداد.
تدور أحداث الفيلم في ظل الإمبراطورية الألمانية، تحديداً في العام ١٨٨٨ خلال حكم القيصر فيلهلم الثاني -قيصر الرايخ الثاني الألماني، ويتتبع الفيلم حياة ديدريش هيسلينج، من طفولته المليئة بالخوف وحتى صعوده كصناعي قوي في مدينة نيتزيج الخيالية خلال عصر القيصر فيلهلم الثاني. يتتبع السرد التطور النفسي لهيسلينج وهو يستوعب “المبادئ الاستبدادية” لمجتمعه: تعلم الانحناء لمن هم أعلى منه بينما يستغل ويسحق بلا رحمة من هم دونه. تبدأ القصة بهيسلينج كطفل خجول يكتشف المتعة في البنية الاستبدادية عندما يُزيّن عصا معلمه، ويشعر بالرضا أثناء العقاب، وهي مؤشرات مبكرة على “الشخصية السادية المازوشية” التي ستحدد علاقاته بالسلطة في مرحلة البلوغ.
عندما يبلغ، يدير هيسلينج مصنع الورق الخاص به بمزيج من النفاق والطموح القاسي. يُقدّم نفسه كوطنيٍّ يُؤيّد النزعة العسكرية معاداة الاشتراكية، ومع ذلك يُصرّ على مُخالفة هذه القيم المُعلنة، حيث أنه يتهرّب من الخدمة العسكرية بالخداع، ويلجأ إلى التشهير بمنافسيه في قطاع الأعمال، بل ويتعاون مع الاشتراكيين الديمقراطيين عندما يخدم ذلك مصالحه. تُتوّج الحبكة في مشهد ختامي مهم، بإزاحة الستار عن نصب تذكاري للقيصر فيلهلم الأول أمام كبار شخصيات المدينة، حيث يُلقي هيسلينج أمامهم خطاباً وطنياً حماسياً يُحاكي أسلوب هتلر البلاغي، أعلن فيه أن ألمانيا لا يمكن أن تزدهر في سلام، بل لا يمكن أن تُحقق المجد إلا في ساحة المعركة، وهنا هبت عاصفةٌ، فشتّتت الحاضرين، لكنه واصل خطابه، مُلوّحاً بقبضته نحو السماء. بينما ينحني أمام التمثال قبل مغادرته، تتغير الموسيقى في الخلفية. تتلاشى الصورة، ويظهر التمثال مجداً وسط أنقاض المدينة التي دُمرت بعد قصف الحرب العالمية الثانية. تُسمع كلمات هيسلينج الأخيرة عن الحاجة إلى الحرب؛ ويُعلن الراوي أنه هكذا قال حينها، وكثيرون غيره بعده -حتى يومنا هذا.
يُعدّ فيلم “خادم القيصر” إنجازاً بارزاً في السينما السياسية من خلال توظيفه لنهج ساخر لاذع، يمتاز بـمواجهته الشجاعة للحقائق التاريخية المُقلقة، ويُعدّ الأسلوب البصري للفيلم نقطة قوةٍ مهمة أخرى، فمن خلال لغته البصرية البليغة، يكشف الفيلم عن الآليات النفسية التي تُمكّن الأنظمة الاستبدادية من الازدهار.












