إلى الذين يتهمون زياد الرحباني بمناصرة بشار الأسد… أقول لكم .. يكفيكم تجني وكفى تضليلاً!
أقولها بكل وضوح: كفى تشويها لقامة فكرية وفنية بحجم زياد الرحباني..
فمن المخجل والمبكِي أن يُختصر زياد، الفنان الذي فضح القمع والسلاح والطائفية، بتصريح مجتزأ أو موقف عابر لا يُعبّر عن مسيرة عمر كاملة من التمرد على الظلم.
زياد الذي علّمنا أن نسخر من زعماء الطوائف، أن نضحك بمرارة من هزائمنا، أن نغني رغم الخراب.. لا يمكن أن يكون بوقا لأي نظام قمعي.. من يتهمه اليوم بأنه مؤيد لبشار الأسد، فليُعد الاستماع إلى مسرحياته، إلى كلماته، إلى موسيقاه، قبل أن يُصدر حكما جائرا لا يليق إلا بالسطحيين.
نعم.. زياد أخطأ أحيانا في تصريح، كما يخطئ كل من بقي حيًّا في عالم الموت العربي.. لكنه لم يبع نفسه، ولم يتاجر بمواقفه، ولم يمدّ يده لأحد. ظل حرّا، ساخرا، متقلّبا كما هي الحياة، لكنه لم يكن يوما جزءا من آلة القمع.
فلم يكن زياد الرحباني يوماً تابعاً لنظام، بل كان دائماً تابعاً لنبضه الحر، يكتب ويعزف على إيقاع القهر العربي، لا على أوامر الساسة..
ولم يكن سياسياً بالمعنى التقليدي، بل كان مرآة مشروخة لحقيقة هذا الشرق… تعكس صدقه مرة وتُتهمه مرات..
أنا لا أدافع عن شخص..
أنا أدافع عن ذاكرة. عن إرثٍ صنع وعينا.. وهزّ وجداننا، وبقي أمينا للفن والحرية، ولو بصوت مبحوح.
وأنا كرحبانية لا أدافع عن زياد الرحباني كشخص، بل أدافع عن إرثٍ فنيٍّ لا يجوز تشويهه بتأويلات سياسية أو إجتزاءات إعلامية.. فالعبقري لا يُحاكم بالنوايا، بل بما قدّمه من وعي وجدل وجمال..
دعوا زياد يرحل كما عاش… حرًّا.. متمردا.. لا يشبه إلا نفسه.. لأن الموقف لا يُقاس بتغريدة أو تصريح مجتزأ..
قد نختلف مع زياد الرحباني في الموقف، لكننا لا نملك إلا أن ننحني أمام فنه، فهو لم يكن يوماً صوت نظام… بل كان صدى وطن موجوع..
ففي زمن يُحاكم فيه الفنان على ملامح ظله، يبقى زياد الرحباني الحقيقة التي لا تلغيها التُهم.. ولا يشوهها الغضب..
فليُترك زياد الرحباني حيث يليق به… في ذاكرة الفن، لا في قفص السياسة.. ولتبقَ موسيقاه أصدق من كل إتهام، وأبقى من كل سلطة..