كتب: ليث الفراية
حين نتحدث عن العطاء في ميدان البناء والتطوير، يبرز بعض الأشخاص الذين لا يتركون بصمة على الأرض فقط، بل يتركون أثرًا في النفوس المهندس إياد عيسى الطراونة واحد من هؤلاء الذين أثبتوا أن العمل لا يقتصر على إنجاز المشاريع أو تحقيق النجاحات التقنية، بل يمتد ليصبح أسلوب حياة يوازن بين العقلانية والدقة من جهة، والإنسانية والتواصل من جهة أخرى. في تجربته، لم يكن المشروع مجرد خطوط على ورق أو حجر يوضع فوق حجر، بل رؤية كاملة تبحث عن المعنى الأعمق لكل إنجاز. لذلك استطاع أن يجعل من عمله انعكاسًا لفلسفة تقوم على خدمة الناس، وإيجاد حلول واقعية تعزز الاستقرار والراحة، وتفتح آفاقًا جديدة للأجيال القادمة. ما يميز الطراونة حقًا هو حضوره بين زملائه. لم ينظر يومًا إلى موقعه باعتباره سلطة أو تفوقًا، بل مسؤولية تجاه من يعملون معه. فهو يعرف أن أي نجاح حقيقي لا يولد من عقل فرد واحد، بل من شراكة حقيقية تبنى على الاحترام والدعم المتبادل ولذا نراه قريبًا من الجميع، يشاركهم أفكارهم، ويستمع لهمومهم، ويحوّل بيئة العمل إلى مساحة من الثقة والانسجام. المجتمع بدوره لم ينظر إليه كمهندس فحسب، بل كإنسان صاحب رؤية واضحة ومواقف ثابتة فهو يؤمن أن العمران الحقيقي يبدأ من الإنسان قبل المكان، وأن أي إنجاز لا يضيف قيمة إنسانية يظل ناقصًا مهما بلغ حجمه أو تكلفته هذه القناعة جعلت منه مرجعًا في محيطه، يلجأ إليه الناس لا لخبرته التقنية فقط، بل لقدرته على احتواء المواقف وإيجاد الحلول بروح متوازنة. ربما سر تميزه يكمن في الجمع بين الدقة والخيال، بين الانضباط والرحمة، وبين الطموح الفردي والإيمان بالجماعة فمن يعرف إياد الطراونة يدرك أن مسيرته ليست مجرد خطوات مهنية، بل رحلة فكرية وروحية تحاول أن تجعل من كل إنجاز قصة نجاح جماعية، ومن كل تحدٍّ فرصة لإثبات أن الإرادة الإنسانية قادرة على صنع الفارق. إن المتابع لمسيرته يرى بوضوح كيف تمكن من ربط العلم بالعمل، والفكر بالتطبيق، والنجاح الفردي بالمصلحة العامة فبفضل رؤيته، أصبحت المشاريع التي شارك بها علامة فارقة في محيطها، لأنها لم تُبْنَ بمعايير الجودة وحدها، بل بروح المسؤولية والالتزام تجاه الإنسان أولًا. ولعل أجمل ما يقدمه الطراونة هو إيمانه العميق بقيمة الزمالة، حيث لا يقتصر دوره على الإنجاز الشخصي، بل يسعى دومًا لخلق فرص لغيره، وتشجيع الشباب على الإبداع، وغرس روح المبادرة فيهم هذه الروح القيادية المتواضعة جعلت منه قدوة لزملائه، وصوتًا حاضرًا في أي نقاش أو تحدٍّ يواجه القطاع. إن إنجازاته لم تأتِ صدفة، بل ثمرة مسار طويل من الإصرار والمثابرة، ووعي بأن العمل الحقيقي لا ينتهي عند حدود المكتب أو موقع التنفيذ، بل يبدأ من هناك ليمتد إلى الناس وحياتهم اليومية ولذلك، بقي اسمه مرتبطًا دائمًا بفكرة أن النجاح قيمة مشتركة، وأن كل إنجاز يُكتَب له الخلود إذا كان محوره خدمة الآخرين. وهكذا، يبقى الطراونة نموذجًا لرجل يؤمن أن البناء الحقيقي لا يقتصر على تشييد الأبنية أو تطوير البنية التحتية، بل يشمل بناء الثقة، وتعزيز الروابط الإنسانية، وتأسيس جيل جديد يرى في المهنة رسالة أسمى من كونها مجرد وظيفة.