بقلم الأستاذ الدكتور فراس الهناندة – رئيس جامعة عجلون الوطنية
الأردن اليوم يقف شامخاً، رافعاً رأسه بفخر، وهو يرى العالم ينحاز أخيراً إلى صوت الحق، ويعترف بدولة فلسطين. ما جرى في نيويورك لم يكن حدثاً عادياً؛ كان لحظة تاريخية تجلّت فيها ثمار الجهود الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي لم يتوقف يوماً عن الدفاع عن فلسطين وشعبها، في المحافل الدولية، وفي أروقة الأمم المتحدة، وفي كل لقاء مع قادة العالم.
لحظة إعلان فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وأندورا اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية كانت لحظة مؤثرة؛ شعرت بها كل قلوب الأردنيين وكأنها تخفق على إيقاع نداءات جلالة الملك التي صدح بها مراراً: لا سلام بلا فلسطين، لا استقرار بلا عدالة، ولا مستقبل آمناً للمنطقة ما لم يُعطَ الفلسطينيون حقهم المشروع في دولة مستقلة ذات سيادة على ترابهم الوطني. كان جلالته يتحدث دائماً بصوت الضمير، والآن استجاب العالم لصوته.
المشهد في نيويورك كان رسالة قوية بأن دماء الشهداء وصبر الفلسطينيين ونضال الشعوب العربية لم يذهب سدى، وأن جهد الأردن لم يكن مجرد خطاب دبلوماسي بل كان نضالاً سياسياً استراتيجياً. لقد أثمرت تحركات جلالته على مدى سنوات في حشد الدعم الدولي، حتى أصبح حل الدولتين اليوم عنواناً على طاولة المجتمع الدولي، ورسالة مؤتمر نيويورك المشترك برئاسة سعودية فرنسية تقول للعالم: كفى انتظاراً، آن أوان إقامة الدولة الفلسطينية.
هذا الاعتراف المتتالي ليس مجرد انتصار سياسي؛ إنه لحظة كرامة، لحظة أمل، لحظة شعور بأن العدالة يمكن أن تنتصر مهما طال الليل. الأردن اليوم لا يكتفي بالترحيب، بل يواصل حمل الراية والمطالبة بالمزيد من الخطوات الدولية حتى يرى العالم دولة فلسطين حقيقية، حرة، آمنة، تعيش بسلام على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إنها معركة دبلوماسية يقودها جلالة الملك بثبات، معركة الإرادة والكرامة، معركة صوت الحق في مواجهة آلة الاحتلال. وإننا في جامعة عجلون الوطنية، كما كل الأردنيين، نقف خلف جلالته في هذه المسيرة العظيمة، مؤمنين أن الأردن سيبقى السند والظهر لفلسطين حتى يتحقق الحلم الذي روته دماء الشهداء وصبر الأمهات ودموع الأطفال.
اليوم، ونحن نكتب هذه الكلمات، لا نرى فقط اعترافاً بالدولة الفلسطينية، بل نرى بداية مرحلة جديدة من التاريخ العربي، مرحلة تقول للعالم إن فلسطين ليست قضية يمكن تجاوزها، بل هي جوهر السلام العالمي وامتحان حقيقي لإنسانية هذا العصر.