في فضاءات و رحاب اليرموك جوهرة حوران ، حيث تتعانق أرواح العطاء مع تراب الوطن، يشرق اسم الدكتور محمود السماسيري كشمعة تنير دروب العلم والإيمان. عشر سنوات من العطاء المتواصل في اليرموك المنارة ، يرموك الفخار ، وهو يغرس خلالها في قلوب طلابه بذور العلم والنو وبين زملائه الأخوة والوفاء، فصاروا أشجارًا مثمرة، امتدت جذورها من أرض الكنانة المصرية إلى سهول حوران، وصولًا إلى ربوع الأردن الهاشمي.
لم يكن السماسيري مجرد أستاذ جامعي في جامعة اليرموك، بل كان وشاح فخر يُزيّن تلاميذه. في فصوله الدراسية امتزجت الحكمة بالإنسانية، وسطر نور العلم بقلم المحبة، فخرج من مدرسته سفراء للخير والعطاء في أرجاء الوطن.
داعية الإيمان… وسراج الفجر
هو داعية حق، وقنديل من قناديل الدعوة إلى الله. يتوضأ بندى الفجر ويشقّ ظلام الجهل بنور الإيمان، مقتفيًا أثر الشيخ الجليل مأمون الشمالي في نشر الهداية وصفاء العقيدة. عُرف بنقاء الفكر، وصدق النية، فاستحق محبة كل من اقترب من شخصه وسمته.
من الكنانة إلى حوران… هوية جامعة
رغم أن مسقط رأسه في أرض الكنانة، فإن حوران السخية فتحت له قلبها قبل أبوابها، وفرشت له سجادة من أقحوان المحبة ودحنون الوفاء. هناك، حيث تمتزج الأرض بالإنسان، تشكّلت هويته الجامعة، فصار جسرًا حيًّا بين الثقافات.
“من مصر العروبة والشهامة، إلى سهول حوران الكرامة، حمل في قلبه رسالة الوحدة، فصار ابن الأرضين، وسفير الأخوة العربية.”
وفي مدارات فكره، تعلّم تلاميذه أعمق دروس الحياة. يؤمن أن القرب الحقيقي لا يُقاس بالجغرافيا، بل بالشعور. وكما كانت تقول والدته – اطال الله بعمرها – في كلمات حفظها قلبه قبل سمعه: لا تقترب إلا ممن يرونك بقلوبهم لا بعيونهم… هؤلاء هم من يستحقون السطور الأولى في كتابك إلى الأبد.”هذه الفلسفة كانت زاده التربوي والروحي، وجعلت منه أبًا روحيًا لجيل من المثقفين الذين وجدوا في حضوره ما يغنيهم عن المسافات ويمنحهم الأمان. لديه روح لا تُنسى… وقلب لا يُخطئه النور ، في زمن شحّت فيه المشاعر، يظل الدكتور السماسيري من القلائل الذين يحتفظون ببراءة القلب ونقاء السريرة. هو كالنهر العذب، تفيض روحه بالصدق والوفاء، وصمته أبلغ من كثير من الخُطب.
لا يتجمّل بالكلمات، بل يترك لروحه أن تكتب سطورها في قلوب من حوله. كان أيقونة من ايقونات العلم في اليرموك… كما هو الان وجه مشرق من وجوه سوهاج المصرية. عشر سنوات من تشكيل العقول في جامعة اليرموك، جسّد فيها السماسيري امتدادًا روحيًا وعلميًا وإنسانيًا عابرًا للحدود.
كان جسرًا حيًا بين التراث الإسلامي ونبض العصر، رابطًا نقاء الفكر بصفاء العقيدة، بين هوية مصر والأردن.
حين يُروى التاريخ بلسان القلوب،هكذا هو الدكتور محمود السماسيري: قصة لا تكتمل إلا حين تُروى بلسان القلوب قبل الأقلام.
سلام على قلب لامسته همسات الحروف، وسلام على من دخلوا التاريخ من بوابة الإنسانية الواسعة، لا من نوافذ المناصب والألقاب.

السماسيري الكناني هوى حوران
د.زهير طاهات يكتب: