
د. راكز الزعارير
منذ ألف وخمسمائة عام من عمر البشرية كان مولد اعظم رجل في العالم هو الرسول الهادي الذي رسخ رسالة التوحيد في العالم ، انه محمد ابن عبدالله العربي الهاشمي صلى الله عليه وسلم ، حيث ولد يوم ١٢ ربيع الأول من عام الفيل ٥٧١ ميلادية ، في مكة المكرمة وبعت رسولا للناس كافة، ” وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ” ،
لقد بغت محمدا رسولا بعد ولادته ب٤٢ عاما حيث كانت رسالته عليه السلام اهم مرحلة في تقدم الحضارات البشرية واستكملت وختمت رسالات السماء وكان خاتم النبيين والرسل ، و تشكل فصل جديد في تكوين وتفكير العقل البشري وانقاذه من التشتت والشرك وعدم اليقين إلى الاستسلام لله والايمان به ووحدانيته والتوكل عليه والطمأنينة مع الله في الحياة الدنيآ والآخرة.. وكان عليه السلام تلقى الوحي في غار حراء بمكة واستمر ٢٣ عاما حيث اكتمل تنزيل القران الكريم ، وتبلورت رسالة التوحيد ، رسالة الاسلام للناس كافة .
وحسب تصنيف كتاب الخالدون والأكثر تأثيراً في العالم للكاتب البريطاني مايكل هارت تصدر الرسول محمد اعظم الخالدين المؤثرين في العالم ، وكان مولده عليه الصلاة والسلام اهم مولد لبني ادم حدث في التاريخ البشري على الاطلاق ولاعظم انسان عرفته الدنيا ، لانه غير برسالته التوحيدية والقران العظيم بامر الله وإرادته وجه ومظاهر الحياة البشرية، عرف وقرب الناس الى خالقهم ونقلهم من عبادة العباد والمخلوقات الى عبادة الله ، الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد .
الوجود البشري على وجه هذه الارض كان قد بدأ بادم عليه السلام بامر الله تعالى، واستمرت المرحلة الاولى لهذا الوجود من ابينا ادم حتى سيدنا نوح عليه السلام ، ومع عهد نوح و انتهاء الطوفان العظيم بدات المرحلة الثانية للوجود البشري على هذه الارض ، واستمرت حتى بعث الله سيدنا ابراهيم عليه السلام ، ومنذ عهد النبي ابراهيم بدأت المرحلة الثالثه من التاريخ الانساني والتي لازالت مستمرة حتى عصرنا الحاضر بأهم مظاهرها “الاديان السماوية التوحيدية الثلاثة ؛اليهودية والمسيحية واخرها وخاتمتها الاسلامية” ، و شهدت تلك المرحلة تعدد الانبياء والرسل ، وكانت اكثريتهم من ولد اسحق ابن ابراهيم واخرهم سيدنا عيسى المسيح “ابن مريم القديسة ” كلمة الله وروحه ، وكانت رسالاتهم جميعا من ذرية اسحاق ويعقوب وبنيه “بني إسرائيل” .
وفي ارض جزيرة العرب وبمكة المكرمة كانت ذرية اسماعيل ابن ابراهيم عليهما السلام ، و مولد الرسول محمد صلوات الله عليه ، الذى بعثه الله تعالى الى الناس كافة و رحمة للعالمين برسالة الإسلام ، يكمل ما بعث به الانبيا السابقون ، ويصلح حال الامم مما اصابها من الظلم والشرك والكفر و الألحاد ، وينقل للناس جميعا شريعة اوحيت اليه مصدرها خالق السماوات والارض ، محفوظة بامر الله من كل التشويهات والاهواء، ” انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ” شريعة هدفها اصلاح حال وسلوك الانسان على وجه الارض ، تقوم على ثلاثة مبادئ رئيسية: اولها: الايمان بالله الواحد الاحد الذي لاشريك له ، و ترسخ علاقة الانسان به سبحانه وتعالى، الذي خلق الأنسان في احسن تقويم ونفخ فيه من روحه، وامر الملائكة بالسجود له ليكون الانسان خليفة الله الامين على الارض .
وثانيها : اصلاح الانسان لذاته و نفسه وعقله، واحترام هذه الذات التي كرمه الله بها على سائر مخلوقاته .
وثالثها: اصلاح علاقة الانسان مع بني البشر، في مضلة الاخوة الانسانية، “كلكم من ادم وادام من تراب “.
لذلك جسدت هذه المبادئ عالمية الدين الاسلامي و بعثة ورسالة النبي محمد عليه السلام ، لانها للناس كافة ، وليست حصرا على قوم بعينهم، وهي آخر الرسالات السماوية التي ختم الله بها رسالات أنبيائه ورسله حتى يوم القيامة.
تميز الاسلام و رسالة محمد عليه الصلاة والسلام ، بانه دين التسامح والمحبة والسلام ، وإن الدين عند الله الاسلام، الا انه وفي الامر ذاته يؤكد القران الكريم على ان الايمان برسالتي سيدنا موسى وعيسى عليهما السلام ركن اساس من اركان صحة ايمان المسلم ، وان الاسلام مكملا وليس مناقضا ل رسالات الانبيا التي سبقت ، ولكنه جاء بشريعة وشمولية تعم جميع الناس على الارض الى يوم القيامة ، “وما ارسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرا “.
يحق لبني البشر كآفة، الاحتفاء بمولد النبي الكريم محمد صلوات الله عليه ، وما احتفاء المسلمين و الصالحين والمؤمنين والموحدين بمولده الا تاكيدا على فضله عليهم وعلى بني البشر ، وتاكدا على نقاء عقيدة الاسلام التي رسخها الرسول الاعظم بكتاب الله وسنة رسوله، وهما بر الامان لانقاذ البشرية من الضلال والظلم والجور، الى العدالة والمساواة والتقوى ” ان اكرمكم عند الله اتقاكم “
صلى عليك الله يا سيدنا ، ويا علم الهدى ما هبت النسائم.. وانت الذى اكرمك الله بالشفاعة يوم القيامة ، فكن شفيعا لكل المسلمين والمؤمنين والموحدين من عباد الله المخلصين .