رغم ضنك الأزمة التي نعبرها مع وطننا لنحميه كما يجب، ردا لبعض “جمايل هذا الوطن علينا”.
يأبى الأردنيون والعسكر على وجه الخصوص الا ان يكتبوا بالمجد اسطرا لن تنسى، خالدة بحجم حبهم الصادق والعفوي لهذا البلد وشعبه، بعيدا عن كل ما يعانوه ليلا نهارا.
لن أخوض بصعوبة المرحلة أو بتجاوزات قلة قليلة، ولا بتعقيد الإجراءات، أو حتى بما يتعارك من مشاعر متلاطمة في جوف العسكر وهم في الميدان، وجميعنا مع من نحب، منعمين بالأمن والأمان ناظرين غدا قريبا يعيد للحياة الحياة، ويعج الأردن بأزمة سيارات الذاهبين إلى أعمالهم، وأصوات الأطفال على أبواب المدارس ودعوات الزوجات لرفقاء الدرب قبل خروجهم للعمل والكثير الكثير مما غاب عنا بسبب “فيروس”.
وبين كل هذا العجاج، استوقفتني لحظة ترجل الوكيل صدام العتوم عن دراجته وهو يتكلل بالشعار العسكري ليرد معروفا بسيطا لطفلتين انتظرتا موكب الأمن العام لتنثرا عليهم ورود حب اردنية، كرسالة بسيطة مفادها “يعطيكم الف عافية”.
ترجل العتوم ولفت الكثيرين، إلا أنه استوقفني لاكرر اللقطة بالفيديو عشرات المرات، ثوان ليست عادية، ملامح الطفلة التي ارتبكت عندما توقف الموكب، لكنها لم تخف ولم تهرب، بساطة التصرف، وبذات الورد التي افترشتاه الطفلتين للعسكر نثر العتوم وريدات صغيرة على رؤوسهم ومضى، موقف جميل اختصر الزمان والمكان والهوية، الا ان الحكاية لم تتوقف هنا.
هذا الشاب الأردني الذي يسهر على أمن وطنه وأهله، يحنو كأب على صغيرتين كانتا تنتظران موكبا أمنيا كما ترقب عيون طفلة نافذة سترى منها وصول والدها المغترب منذ زمن، العتوم ليس ابا حتى اللحظة، لكنه استشعر الأبوة واشعرنا بها، عندما كشفت تعليقات فيسبوكية عن هذه المعلومة، قرأت أكثر من ألف دعاء طاهر له، وسمعت من يطلبن من جداتهن وأطفالهن الدعاء له، بفرح عظيم وعطية ترضي قلبه.
ايعلم العتوم ماذا فعل، لقد حمل الأردن كاملا لجيل قادم، وغدا توقفه الابوي البريء حكاية سترويها الطفلتين لابنائهن، وسارويها انا لطفلتي، وسترويها كل ام وأب استنبط العتوم الحب من دواخلهم.
اخي صدام… إن سمحت لي أن اناديك هكذا،
لك مني كل الدعاء، والشكر لأنك سطرت مجدا إنسانيا لن يموت، بل سينمو ويثمر، وسيحمل اسمك لجيل جديد،
ربما القدر اقتادك لتغدو الأمهات لاهجات لك بالدعاء، فتصبح في كل قلب، حفيدا وابنا واخا، وبين الشفاه دعاء خالصا لوجه الكريم الوهاب لتصبح بعون الله أبا.
حفظك الله ورفاقك
وكل من حمل الشعار العسكري ذخرا للوطن وذخيرة لنا، وشكر اخير لأنك في وسط حزن الشوارع المشتاقة لأهلها كنت وردا على ورد.