
علاء القرالة
نظام «التقاعد المبكر» لم يعد مجرد خيار شخصي أو حالة استثنائية، بل تحول إلى «خطر صامت» يهدد استدامة الضمان الاجتماعي ومستقبل الأجيال المقبلة، فها هي اعداد المتقاعدين مبكرا بدأت تزيد عن 65% من مجموع المتقاعدين، أي ما يقارب 160 ألف شخص من أصل 259 ألف متقاعد، من يقرع جرس الانذار.
هذا النظام عبارة عن نزيف مالي مستمر يهدد مستقبل اموال الضمان الاجتماعي، فما لدي من معلومات غير رسمية انه في العام 2050 سيبدأ الضمان الاجتماعي في السحب من موجودات صندوق الاستثمار لتغطية المصاريف، في حال تم الاستمرار بهذا النظام الظالم والغير منصف للاجيال المقبلة، والذين يعولون على «الضمان الاجتماعي» كمضلة امان لهم في المستقبل.
نعم، التقاعد المبكر بات يرهق الضمان الاجتماعي ويتحول من أداة للحماية الاجتماعية لعبء يلتهم مدخرات الأردنيين والأخطر أن هذه الممارسة ما «زالت تمارس بأنانية» من قِبل بعض الفئات التي تنظر إلى مصلحتها الانية، متجاهلة الكلفة الباهظة التي ستتحملها الأجيال القادمة، وأن كل دينار سيخرج بعد الان وبلا مبرر عادل سوف يخصم من حق شاب أو عاملة أو أسرة تنتظر من الضمان أن يكون صمام أمانها لعقود طويلة قادمة.
لا احد ينكر مدى الملاءة المالية للضمان الاجتماعي والنتائج الايجابية التي كشف عنها صندوق استثمار الضمان الأخيرة والتي تكشف عن أداء استثماري لافت يعكس حصافة الإدارة ورشد القرارات، فموجودات الصندوق ارتفعت إلى 17.6 مليار دينار مع نهاية تموز 2025، اي بزيادة بلغت 1.4 مليار دينار منذ بداية العام وبنسبة نمو 8.9%، فيما «قفز الدخل» الشامل إلى حوالي 1.3 مليار دينار محققاً نمواً نسبته 135% عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
هذه الأرقام تعتبر الأعلى بتاريخ الصندوق، مدعومة بزيادة صافي الدخل لنحو 670 مليون دينار، وارتفاع تقييم محفظة الأسهم الاستراتيجية بأكثر من 632 مليون دينار، إضافة إلى أرباح نقدية من الشركات بلغت 191 مليون دينار، كل هذه ارقام غير مسبوق، وهنا يجب علينا ان ندعم هذه النجاحات ووقف كل الاجراءات التي يمكن لها ان تعيق هذا التقدم في المستقبل من خلال ايجاد قانون يمنع التقاعد المبكر ويزيد تقاعد الشيخوخة.
خلاصة القول، الأرقام الإيجابية مهما بلغت لن تصمد أمام ثقل «التقاعد المبكر» إذا استمر الحال كما هو،فالمطلوب اليوم تحرك فوري وشجاع لتعديل القانون ووقف هذا النزيف الذي يحاصر مستقبل الضمان، فالإصلاح هنا ليس مجرد بند في برنامج حكومي أو توصية عابرة، بل قرار مصيري لحماية ما تحقق من إنجازات وضمان أن يبقى الصندوق صمام أمان للأردنيين لا عبئا عليهم.