
الدكتور عثمان الطاهات
في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها عالم التعليم وسوق العمل على حد سواء، تبرز أهمية هيئة الاعتماد وضمان الجودة كحجر الزاوية في بناء مستقبل أكاديمي ومهني قوي في الاردن التي تعمل بلا كلل من أجل الارتقاء بجودة التعليم العالي وتلبية متطلبات سوق العمل، من خلال مراجعات شاملة ومنهجية للمجالات المعرفية للتخصصات الأكاديمية في الجامعات الأردنية .
تعد هيئة الاعتماد وضمان الجودة نموذجًا يُحتذى في العمل على تحسين مخرجات التعليم الجامعي، حيث تعكف على إجراء مراجعات مستفيضة تتناول مختلف المجالات المعرفية، بهدف إكساب الطلبة المهارات والكفايات التي تتناسب مع متطلبات سوق العمل المحلية والإقليمية هذه المراجعات ليست مجرد تقييمات روتينية، بل عمليات منهجية تستند إلى معايير دقيقة تضمن توافق البرامج الأكاديمية مع أحدث الاتجاهات والتطورات في مجالات التخصص، ما يسهم في إعداد خريجين مؤهلين قادرين على المنافسة في سوق العمل.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، شكلت الهيئة العديد من اللجان المتخصصة التي تقوم بدراسة عميقة للمجالات المعرفية المختلفة، وتقديم توصيات مهمة لكي يتم اعتمادها من قبل مجلس الهيئة من أبرز تلك التوصيات، التركيز على ضرورة إدخال الجانب العملي في الخطط الدراسية، بحيث يصبح التطبيق العملي جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية، ما يعزز من قدرة الطلبة على اكتساب المهارات الضرورية لسوق العمل الحديث فالتعليم النظري وحده لم يعد كافيًا، بل يتطلب تفاعلًا حقيقيًا مع بيئة العمل، وتدريبًا فعليًا على المهارات الفنية والتقنية.
كما أدركت الهيئة أهمية توفير أعضاء هيئة تدريس متخصصين وذوي كفاءات عالية في مختلف المجالات، خاصة في الجانب العملي، وذلك لضمان تقديم برامج تعليمية ذات جودة عالية تلبي تطلعات الطلبة واحتياجات السوق ولتحقيق ذلك، قامت الهيئة بتنظيم العديد من الاجتماعات مع النقابات المهنية وأصحاب العمل، بهدف الوقوف على احتياجاتهم من المهارات والكفايات التي يمكن للجامعات العمل على إكسابها للخريجين هذا التواصل المستمر مع أصحاب المصلحة يعكس حرص الهيئة على جعل التعليم العالي أكثر ارتباطًا بواقع العمل، ويعزز من فرص التوظيف للخريجين في السوق المحلية والإقليمية.
إن هذا النهج الذي تتبناه الهيئة يعكس إيمانها العميق بأهمية التعاون بين القطاعين الأكاديمي والمهني، من أجل ضمان أن يكون التعليم العالي أداة فعالة في تطوير الموارد البشرية، وتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأردن فالمخرجات التي تسعى الهيئة لتحقيقها هو إعداد خريجين يمتلكون المهارات والكفايات التي تؤهلهم للمساهمة بفاعلية في سوق العمل، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.
يمكن القول إن الهيئة تلعب دورا مهما في تحسين جودة التعليم، وتوجيه الجامعات نحو برامج أكثر عملية وارتباطًا بسوق العمل وإن ما تقوم به الهيئة من جهود حثيثة، ومراجعات مستمرة، وتوصيات مدروسة، يعكس حرصها على بناء مستقبل أكاديمي ومهني قوي، يضمن للخريجين فرص عمل مناسبة، ويساهم في دفع عجلة التنمية الوطنية لذا، فإن إشادتنا بدور هذه الهيئة تتعدى مجرد الثناء، فهي تقدير حقيقي للمسيرة التي تقودها نحو تعليم عالي متميز، يعكس تطلعات الأردن وطموحات أبنائه في مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.