مشعل الأزرعي
لماذا يواجه المنتخب الأردني هذا القدر من التشكيك؟
بقلم مشعل الأزرعي
في كل محطة يقترب فيها المنتخب الأردني من تحقيق إنجاز كروي حقيقي، يطفو على السطح خطابٌ موازٍ لا علاقة له بالرياضة بقدر ما يرتبط بعُقَد التفوق الوهمي ورفض الاعتراف بالآخر. خطابٌ يتجاوز حدود النقد الفني المشروع، لينزلق إلى مساحات من التشكيك، التقليل، وأحيانًا التحريض غير المباشر.
هذا “الحقد الكروي” إن جاز التعبير لا يُفهم خارج سياقه النفسي والاجتماعي. فصعود منتخبٍ اعتاد البعض النظر إليه باعتباره “خارج الحسابات” يربك سردياتٍ جاهزة عن من يحق له الفوز ومن لا يحق له الحلم. وعندما تكسر الإرادة الأردنية هذه القوالب، يصبح الإنجاز مزعجًا أكثر مما هو مُلهم.
المفارقة أن المنتخب الأردني لم يصل إلى ما وصل إليه بالضجيج الإعلامي أو بالإنفاق المفرط، بل عبر مسار تراكمي من العمل، والانضباط، وبناء الهوية. فريق يلعب بإمكاناته، ويعرف حدوده، لكنه يوسّعها بالإصرار والروح الجماعية. هذه الصفات تحديدًا هي ما يستفز خصومه غير المعلنين؛ لأنها تفضح الفجوة بين الشعارات والواقع.
كما أن جزءًا من هذا الخطاب العدائي يعكس أزمة قبول لنجاح القادم، فحين ينجح “الآخر” بلا إستئذان، يصبح نجاحه غير مريح. لذلك يتم الهروب إلى سرديات التشكيك في التحكيم، أو الحظ، أو الظروف، وكأن الاعتراف بالتفوق أصبح هزيمة نفسية.
الأخطر في هذا المشهد ليس النقد ذاته، بل تحوّل بعض المنصات إلى ساحات تعبئة عاطفية، تُغذّي الجماهير بخطاب استعلائي يفتقر للروح الرياضية. وهذا لا يسيء للمنتخب الأردني بقدر ما يكشف هشاشة الخطاب الذي يروّجه أصحابه. فالكبار لا يخشون المنافسة، ولا يخافون من الاعتراف بتميز غيرهم.
في المقابل، يقدّم المنتخب الأردني درسًا صامتًا: الرد داخل الملعب لا خارجه، والإنجاز لا يحتاج إلى تبرير. فكل خطوة للأمام هي إجابة عملية على كل محاولة تشكيك.
سيبقى المنتخب الأردني محط جدل ما دام يتقدم. لأن النجاح الحقيقي لا يمرّ دون مقاومة، ولأن الحقد مهما علا صوته يظل اعترافًا غير مباشر بأن هناك من فعل ما عجز الآخرون عن فعله.
التشكيك ليس دليل قوة، بل انعكاس عجز عن تقبّل واقع جديد تفرضه المستويات داخل الملعب لا خارجه. ومع كل خطوة يتقدمها المنتخب الأردني، تتآكل هذه الأصوات، ويبقى الإنجاز هو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن إنكارها.
