
علاء القرالة
مرة أخرى ومجددا، يثبت الاقتصاد الوطني أنه قادر على الصمود والمضي قدما بثقة وثبات، وسط بيئة إقليمية ملتهبة وظروف اقتصادية عالمية تتسم بعدم اليقين، وذلك بشهادة من صندوق النقد الدولي الذي أعلن أمس عن نجاح المراجعة الرابعة بإطار اتفاق «تسهيل الصندوق الممدد»، والمراجعة الأولى بإطار «تسهيل الصلابة والاستدامة»، فماذا تعني هذه الشهادة؟.
شهادة صندوق النقد الدولي حول الاقتصاد الوطني علامة فارقة ومصدر فخر وطني، فإنهاء «المراجعة الرابعة» بنجاح ليس مجرد إنجاز فني على صعيد الاتفاقيات، بل هو «اعتراف دولي» مباشر بمتانة الاقتصاد الأردني وقدرته على التكيف والسير إلى الأمام رغم كل التحديات.
صندوق النقد هو المرجع المالي العالمي الأول، وهو لا يمنح ثقته بسهولة، لهذا عندما يصدر عنه «تقييم إيجابي» لأي اقتصاد في العالم، فهذا بمثابة «ختم جودة» عالمي، له انعكاس مباشر على المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية، وبناء عليه فإن ما تحقق ليس شهادة للحكومة فقط، بل لكل المؤسسات والقطاعات التي التزمت بالإصلاح، ولكل أردني يثق بأننا نسير على الطريق الصحيح.
بيان الصندوق أكد أن الأداء الاقتصادي للمملكة قوي و”يسير بثبات»، مشيرا إلى تسارع النمو، وتحسن مؤشرات المالية العامة، واستقرار معدل التضخم، وتراجع عجز الحساب الجاري، وهو ما يعد انعكاسا مباشرا لسياسات اقتصادية رشيدة اتبعتها الحكومة بدقة وإصرار، بدعم من البنك المركزي، الذي حافظ بدوره على الاستقرار النقدي وسعر صرف الدينار بثقة عالية مدعومة باحتياطيات أجنبية مرتفعة.
هذه الشهادة ليست الأولى بحق اقتصادنا، لكنها اليوم تحمل قيمة خاصة في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، وتراجع أداء العديد من الاقتصادات في المنطقة، لذلك فإن إشادة الصندوق، وهو الجهة التي لا تجامل، بنجاح الأردن في تنفيذ معظم المعايير الكمية والهيكلية، فهذه شهادة تضاف إلى رصيد الثقة الدولية بقدرة الاقتصاد الوطني على النهوض، واجتياز كل المراحل الدقيقة.
هنا لا يمكن إغفال التزام الحكومة بخفض الدين العام تدريجيا، مع المحافظة على الإنفاق الاجتماعي والتنموي، وهو ما يظهر قدرتنا على تحقيق توازن دقيق بين «التصحيح المالي» و”الاستجابة لحاجات المواطنين»، وهذا يعتبر تحديا كبيرا لأي دولة في العالم.
خلاصة القول، إن ما تحقق بهذه المراجعة ليس نجاحا حكوميا فحسب، بل هو «نجاح وطني جماعي»، لأن متانة الاقتصاد اليوم هي حصيلة جهود مشتركة بين مؤسسات الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع ككل، لهذا فإننا مدعوون للاستمرار بثقة على طريق الإصلاح، مدعومين بثقة العالم في قدراتنا، وبإرادتنا الوطنية التي أثبتت مرة بعد أخرى أن بإمكانها صناعة الفارق.