
احمد ذيبان الربيع
منذ عام 2019 كان الدكتور طلال أبو غزالة ” مؤسس ورئيس مجلس ادارة مجموعة طلال أبوغزاله العالمية “، يتوقع نشوب حرب عالمية ثالثة ، مستندا في رؤيته هذه على الحروب الثنائية التقنية والاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية، متوقعا أن تتطور هذه إلى أزمة اقتصادية عالمية خانقة عام 2020 ، وتقود إلى الحرب العالمية الثالثة !
وبنى ابو غزالة رؤيته على حدوث كساد كبير في 2020، ووقوع احتكاك عسكري بين الصين والولايات المتحدة يتسبب باشعال حرب عالمية ، وكان الكثيرون يسخرون من هذه التنبؤات ويقابلونها بالضحك !.
لكننا اليوم أمام معطيات تتزايد كل يوم ، عن احتمالات قوية لنشوب حرب عالمية ثالثة، والمؤشرات على ذلك يمكن ملاحظتها بالحروب الاقليمية المشتعلة منذ سنوات ، لعل أهمها بالنسبة للعرب ، حرب الابادة الجماعية والتجويع والقتل المتواصل والتطهير العرقي، التي تشنها قوات الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة منذ نحو سنتين ، بالاضافة الى العمليات العسكرية التي تنفذها في الضفة الغربية المحتلة، والتي تشمل عمليات المداهمة والقتل والحصار وتوسيع المستوطنات والقضاء على أي أمل باقامة دولة فلسطينية مستقلة !
والمعطى الآخر الذي ينذر بنشوب حرب عالمية ثالثة ، هو الحرب الاوكرانية الروسية والتي بدأت منذ نحو 30 شهرا، بهجوم روسي على اوكرانيا ، ويبدو أن موسكو افترضت انها قادرة على حسم الحرب ، خلال وقت قصير وفرض شروط الاستسلام على أوكرانيا ، لكن المفاجأة كانت أن الجيش الأوكراني صمد في الميدان ، ووقفت أوروبا وادارة الرئيس الاميركي السابق جو بايدن الى جانب أوكرانيا ، بدعمها بالأسلحة والمعدات العسكرية المتقدمة ومليارات الدولارات .
وخلال شهر نيسان 2025، اشتعلت حربا محدودة بين الهند وباكستان، عقب هجوم إرهابي على سياح هندوس في منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وانتهت هذه الحرب باتفاق هش لوقف اطلاق النار بوساطة الرئيس الاميركي ترامب، لكن جذر الأزمة بين البلدين لا يزال قائما ، ويتعلق بأزمة كشمير التي زرعتها بريطانيا منذ عقود بين الدولتين!
ومن نماذج الحروب الأقليمية الأخرى تلك التي نشبت بين أذربيجان وأرمينيا خلال الأشهر الماضية ، وانتهت بتوقيع” اتفاق سلام ” بينهما بعد مفاوضات ، كان الغرض منها تسوية النزاع القائم بينهما منذ نحو أربعة عقود ، بعد استقلالهما عن الاتحاد السوفياتي في 1991 .
وخلال الاسابيع الماضية أعلنت بعض دول الناتو ، مثل” استونيا وبولندا ورومانيا والنرويج والدنمارك”عن اختراق أجوائها من قبل مسيرات روسية ، بينما أعلنت استونيا عن اختراق مقاتلات روسية لأجوائها ، فيما هددت السويد باسقاط أي مقاتلة روسية تخترق سيادتها .
وقد طرحت هذه الاختراقات لاجواء دول أعضاء في حلف الناتو أسئلة وشكوك وألغاز ، تتعلق بأهداف موسكو من هذه الاستفزازات ، رغم أنها تزعم بقدرتها على هزيمة أوكرانيا وهي بالفعل قادرة على ذلك ، لكون قوة الدولتين غير متكافئة من الناحية العسكرية ، فهل ترغب موسكو باختبار قدرات حلف الناتو في اسقاط طائراتها ومسيراتها ، وهل يتعمد الكرملين إرسال رسائل تحدٍ للغرب، ويتصرف بثقة أكبر بعد حرب أوكرانيا ؟
وفي هذا السياق اتهم وزير خارجية روسيا في نيويورك قبل يومين ألمانيا، بأنها تضمر نيات توسعية تعيد للأذهان العهد النازي ، وقال إن ألمانيا تخضع لـ “عسكرة” و”إعادة إضفاء الصبغة النازية “وهذه اتهامات خطيرة!
لقد ألمح بوتين مرات عديدة الى امكانية استخدام السلاح النووي في حربه على اوكرانيا ، وهو يشير بذلك الى دول الغرب التي تدعم أوكرانيا بالسلاح والمعلومات الاستخبارية. ويمكن تخيّل أن مصير العالم بأكمله قد يُحسم في دقائق، بل في ثوانٍ في عقل رجلٍ واحد، جالس وحده خلف مكتب، يمدّ يده إلى هاتف وينطق بكلمة قد تُبيد مدنا بأكملها!
وهذه ليست أول مرة يستخدم فيها السلاح النووي ، فقد كانت المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا السلاح عام 1945 من قبل أميركا ، عندما قصفت مدينتين يابانيتين هما هيروشيما ونكازاكي بقنبلتين نوويتين ، ومنذ تلك اللحظة لم تعد القوة تُقاس بعدد الجيوش أو طول الخنادق، بل بسرعة القرار وبمن يملك سلطة الضغط على الزر !
وبحسب ما رواه تشارلز روز عضو الكونغرس ، فإن نيكسون الذي عزل بسب فضيحة ووترغيت عام 1974 لوّح بعبارة ، وصاح قائلا: “بإمكاني أن أدخل مكتبي الآن وأرفع سماعة الهاتف، وفي غضون 25 دقيقة ستُزهَق أرواح الملايين، وكان يقصد بذلك استخدام السلاح النووي !
وفي هذه اللحظة ترقد في أحد جيوب الرئيس الأميركي ترامب ، بطاقة بلاستيكية صغيرة تحمل رموزًا سرية للغاية، وهي مفتاحه الشخصي إلى الترسانة النووية، بعد أن تساءل ذات مرة أمام أحد مستشاريه عن جدوى امتلاك السلاح النووي إذا لم يستخدم!.