
سميح المعايطة
مسارات دول كثيرة وخاصة دول الإقليم او عالمنا العربي التي اخذت بعض الدول إلى الفوضى او التفكيك او تعدد السلطات والبنادق والرايات كان مدخلها ان تتعدد الجهات التي تحمل السلاح وتصدر التعليمات وتتقاسم مع الدولة القرار، وليس هناك من دولة دخلت هذا النفق ولم تسترجع سيادتها على السلاح والقرار إلى فقدت صفة الدولة وتحولت إلى شكل دون مضمون وأصبح كل جزء من هذه الدولة يبحث عن الأمان بسلاحه او بطائفته او قبائله او ميليشياته.
والاخطر في تلك التجارب المأساوية عندما تفقد الدولة قرار الحرب والسلم وتضطر إلى تحمل نتائج حسابات كل ميليشيا او مجموعة مسلحة خاصة إذا ركبت هذه المجموعات موجة الدين او العروبة والدفاع عن القضايا الكبرى.
واي مجموعة سياسية او دينية او عرقية او طائفية تحمل السلاح ستحتاج إلى رعاية من جهة خارجية، رعاية وحماية سياسية وتمويل لتأمين السلاح ورواتب المقاتلين وكل مستلزمات وجود قوة عسكرية، وسيطبق القانون الكبير “من يدفع يملك امر المقاتلين ومن يقودهم” وتصبح تلك القوة العسكرية او الميليشيات أداة للدولة التي تمول وتحمي.
الأمثلة حولنا كثيرة منذ عشرات السنين، والدولة الحقيقية هي التي تقطع الطريق أمام اي محاولة لتعدد البنادق والرايات واخذ الدولة إلى أن تكون ساحة لمن يمول بغض النظر عن الغطاء الوطني او الديني او العروبي لهذه الميليشيات..
نحن في الاردن نمتلك ذاكرة من المحاولات التي استهدفت الدولة والحكم وهوية البلد، محاولات كانت ترفع شعارات لا يختلف عليها اثنان لكن الفعل كان يصل بنا إلى أن تتحول الدولة إلى شركة مساهمة عامة في قرارها السياسي والعسكري مع دول وتنظيمات ممن يمولون تلك التنظيمات او الخلايا، لكن الاردن بفضل الله وحزم قيادته وقوة مؤسساته كان يغلق الأبواب ويواجه بناء تنظيمات مهما كان عنوانها لأنهم في النهاية يريدون الاردن دولة لهم ويردون أن يكون ساحة لمشاريع الممولين.
تجارب الأشقاء في الدول التي أصبحت الميليشيات شريكة في حكمها وقرارها واضحة للعيان، وحتى محاولات التخلص من تلك الأوضاع تحتاج احيانا حروبا وربما لن تستطيع.