الدكتوره زهور غرايبة
“وتأكدوا دوماً أن العقول النيرة، هي التي تبني الأوطان وتعزز البنيان، وتصنع الفارق الذي نريد.“ ولي العهد خلالكلمته الاي ألقاها في منتدى تواصل 2025.
بهذه الكلمات، عبّر سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني عن جوهر المشروع الوطني الأردني، الذييتمحور حول الإنسان باعتباره حجر الأساس في بناء الدولة، وصاحب الدور الرئيس في صياغة المستقبل، حيث لمتكن هذه العبارة مجرد تحفيز عابر، بل تخطت ذلك وأصبحت رؤية راسخة تؤمن بأن التقدّم الحقيقي لا يتحقق إلاحين توضع العقول في موقع القيادة، وتُفتح الأبواب أمام طاقاتها.
الهوية الوطنية الأردنية، التي تشكّلت عبر قرن من التحديات والإنجازات، لا تختصر في شعار أو نشيد، وإنما تُجسّد منخلال وعي المواطن، وشعوره بالانتماء، والتزامه بالقيم التي تأسس عليها هذا الوطن، وبذلك تعكس الهوية الوطنيةالأردنية تماسك المجتمع، وكرامة الإنسان، وعدالة الفرص، وتُجسد نموذجًا في التعايش، واحترام التعدد، والاعتزازبالإرث والتاريخ مع الانفتاح على المستقبل.
ولي العهد، في حضوره الدائم والمستمر بين الشباب، وفي مبادراته التي تتصل بواقع الناس، يؤكد مرارًا أن الإنسانالأردني هو الثروة الحقيقية التي لا تنضب، فحين يكون العقل هو القاعدة، تصبح المؤسسات أكثر رسوخًا، والتعليمأكثر فاعلية، والابتكار أكثر التصاقًا بالحياة اليومية، وهو ما يعكس فلسفة الدولة الأردنية الحديثة التي تسعى إلىتعزيز المواطنة الفاعلة، والتنمية المستدامة، والتمكين القائم على الكفاءة لا المحسوبية.
في كل محافظة من أردننا الحبيب، وفي كل قرية ومدينة، نجد وجوه الأردنيين والأردنيات تنير الطريق بإخلاصهاوإبداعها، هؤلاء هم الذين يصنعون الفارق؛ من معلم يزرع بذور المعرفة، إلى مزارع يعتني بالأرض، إلى رائد أعماليفتح آفاقًا جديدة، كل فرد يسهم في تعزيز البنيان، حين يدرك أن الانتماء ليس فقط شعورًا داخليًا، وإنما ممارسةيومية تعكس الالتزام بالقانون، واحترام الآخر، والعمل من أجل الصالح العام.
الحديث عن العقول النيرة هو أيضًا حديث عن المسؤولية، فكل عقل منير لا يكتفي بالتفكير، بل يتحرك، يبادر،وينخرط في قضايا وطنه، وهذه هي الرسالة التي يوجّهها سمو ولي العهد دومًا: أن لا مكان للجمود، ولا وقت للتردد،وأن الحاضر يُبنى اليوم بأفكار جريئة، ونوايا صادقة، وإرادة لا تعرف التراجع.
الأردنيون، بما يحملونه من قيم ومبادئ، جسّدوا عبر العقود صورة الإنسان الحرّ، المسؤول، المتجذّر في تاريخهوالمنفتح على عصره، وفي ظل قيادة هاشمية تؤمن بقدراتهم، وتعمل على تهيئة بيئة تحفّز الإبداع وتضمن الكرامة،فإن المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع بخطى ثابتة.
وهكذا، حين نعود إلى تلك العبارة التي قالها سمو ولي العهد، ندرك أنها لم تكن نهاية الخطاب، ولكنها شكلت بدايةلمسار وطني طويل، عنوانه الإنسان الأردني، ومضمونه الإيمان بالعقل، وهدفه وطن أقوى وأعدل وأكثر إشراقًا.