
د.حسام العتوم
جدد رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين دعوته للزعماء العرب لحضور القمة الروسية – العربية المنوي عقدها في شهر يناير المقبل، وهي التي تأجلت بسبب زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب للمنطقة – لإسرائيل ومصر- شرم الشيخ – بتاريخ 12 / أكتوبر / 2025 لتوقيع السلام في غزة بين حماس – حركة المقاومة العربية الإسلامية وبين إسرائيل بعد حرب دموية تسببت في مقتل نحو سبعين ألفا من الفلسطينيين الأبرياء وفي مقدمتهم الأطفال الأبرياء وغير من تحت الأنقاض، وهم كثر، وليس من المجاهدين في صفوف المقاومة الفلسطينية فقط منذ اندلاع السابع من أكتوبر عام 2023 بتدبير من قادة (حماس، وحزب الله، وإيران) سواء كان قرارهم حينها على صواب أو على خطأ .
وبالمناسبة روسيا الرسمية ممثلة بالرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف و المستشار يوري أوشاكوق لم يتفقوا كما الخطاب العربي الرسمي مع نهج السابع من أكتوبر، و طالبوا مبكرا بالإفراج عن أسرى إسرائيل و المعتقلين الفلسطينيين . و رغم الجهد الدولي الكبير المتزاحم الذي أوقف الحرب ، إلا أن الرئيس بوتين سجله لصالح دونالد ترامب علنا معتبرا كما العرب بأن إسرائيل لا تستمع إلا لأمريكا التي زودتها بالسلاح الحديث و بالمشورة . و لم تكترث حتى ،و لم تلفت لجريمة الإبادة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين ، و بالغت في حادثة السابع من أكتوبر.
لم يرغب الرئيس بوتين أن تبتعد القمة الروسية – العربية عن موعدها الأول بتاريخ 15 أكتوبر ، لذلك قرر أن تكون في الشهر الذي يليه يناير ، و سوف يحدد اليوم لاحقا وفقا للترتيبات الجارية في قصر ( الكرملين ) الرئاسي. ولم يعرف حتى الساعة إن كانت موسكو راغبة بحضور إعلاميين دوليين كبار للقمة أم لا ؟. و يتساءل العرب في منطقتنا لماذا القمة هذه الأن ؟ و ماذا يريد بوتين من القادة العرب ؟ ماذا يريد أن يقول لهم ؟ و ماذا يريد أن يسمع منهم؟ وكلنا نعرف في المقابل، أن روسيا الاتحادية دولة عظيمة وعظمى ، و قطب شرقي و ميزان دولي ، يقود توجه تعددية الأقطاب الذي يمثل شرق و جنوب العالم ، وتشارك بقوة في أكبر التجمعات الأقتصادية مثل ” البريكس و شنغاهاي) التي يشارك فيها العرب. وتحتل الرقم 1 على مستوى اقتصاد أسيا . وهي ، أي روسيا تحتل الرقم 1 أيضا على خارطة العالم على مستوى السلاح النووي و قوة النار،و في النووي السلمي ، وهي متطورة السلاح في البحرية و الفضاء ،ولها حضور سياسي ، ودبلوماسي ، واقتصادي في كل دول العالم . و صوتها الخارجي معارض لا يتفق مع مثيله في أحادية القطب . و يدعو أكثر لكي يتوازن القطب الغربي مع أقطاب العالم . و روسيا الأكثر تمسكا بالقانون الدولي في العالم . وحربها مع أوكرانيا (كييف) والناتو بالوكالة ارتكزت على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي سمحت لها بالدفاع عن سيادتها بواسطة عمليتها العسكرية الخاصة التحريرية .
القمة الروسية – العربية القادمة فرصة لتعريف الأصدقاء العرب بقوة و حجم روسيا ، و بعدالة قضيتها في الحرب الأوكرانية شيوعا ، و بموقفها الثابت إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة ، الواجب أن تفضي لقيام دولة فلسطين و عاصمتها القدس إلى جانب إسرائيل ، مع إنهاء ملف الاستيطان اليهودي غير الشرعي ، و عودة إسرائيل لحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وفقا لقرار الأمم المتحدة و مجلس الأمن رقم 242 الذي أنتج هنا في الأردن بالمناسبة .
سوف يستمع القادة العرب من الرئيس بوتين لخطاب حميد الذي تعودوا على سماعه ، و لن يشبه خطاب الرئيس ترامب ، الذي يقدم الطمع في المال العربي الوفير على الخطاب السياسي الواجب أن يكون متوازنا، و غير منحاز لإسرائيل . و لن يطالب بوتين بإعفاء نتنياهو من حزمة الجرائم المتهم بها وفي مقدمتها حرب الإبادة في غزة ،و قضايا الفساد ، و كلها في العقلية السياسية الروسية متروكة للقضاء . و تنفرد روسيا بأنها توازن علاقاتها الخارجية بين العرب و إسرائيل ، رغم أنها الأقرب لإسرائيل من أمريكا ، و ثمة حضور روسي ديمغرافي في إسرائيل يفوق المليون إنسان معظمهم من اليهود ، ومنهم من يخدم في الجيش الإسرائيلي . و تقف روسيا علنا إلى جانب العرب تحت مظلة قضيتهم الفلسطينية العادلة ، و تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي العربية ( فلسطين ، و لبنان ، و اليمن ) ، و لا تعتبرها أعمالا بطولية كما إسرائيل مثلا . و تدين إغتيالات إسرائيل لقادة المقاومة العربية في فلسطين ،و في لبنان ، و في إيران .
الصوت الروسي السياسي سوف يكون مسموعا وسط القمة الروسية – العربية القادمة و قريبا ، و فيها ستبارك موسكو – بوتين إنتهاء الحرب في غزة ، و إسدال الستارة عن معاناة الفلسطينيين أصحاب القضية العادلة و القابضين على الجمر، التي نكلت فيهم إسرائيل ،و رغبت إلى جانب أمريكا – ترامب بتهجيرهم ،و تحويل غزتهم إلى ريفيرا سياحية ، بينما هي ، أي غزة هاشم جزء لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني الواحد . و سوف يستمع قادة العرب لحقيقة الحرب الأوكرانية التي اختارت روسيا أن تتمركز في جانبها الدفاعي و التحريري ،و ليس الاحتلالي كما يشاع في العاصمة ( كييف ) و في عواصم الغرب من زاوية ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و استنزاف روسيا الناهضة لا أقل و ربما أكثر . ولن يتغزل الرئيس بوتين بالنساء العربيات المشاركات بالقمة الروسية – العربية المقبلة على طريقة الرئيس ترامب الذي ترك زوجته ميلانا في واشنطن و جاء إلى منطقتنا ليغازل رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني الجميلة المشاركة في لقاء ترامب مع الزعماء العرب ، و لن يحتاج حتى لمغازلة زوجة نتنياهو ساره و بعلمه بسبب دعم ترامب غير المحدود لإسرائيل بالسلاح . وطريقة مصافحة ترامب للرؤساء ضيوف لقاء شرم الشيخ تؤشر على عدم توازن شخصيته .
روسيا صديقة العرب ، تطلق علينا لقب الشرق القريب ، و هو المسافة الجغرافية الفاصلة أكثر من 3 الاف كيلومتر و أقل في مناطق أخرى ، و هي أكثر دفئا في علاقتها معنا ، نحن العرب ، من أمريكا رغم دورها المباشر في توقيف حرب غزة ، فهي ، أي أمريكا – ترامب لا تتحدث بنفس الطريقة عن مأساة الإنسان الفلسطيني الذي قدم كوكبة من الشهداء ، و تبالغ في قتلى إسرائيل ، و لاترى غيرهم. بينما تتحدث روسيا – بوتين عن المشهد العربي و الإسرائيلي معا ، و تدعو بشكل مستمر لتحقيق سلام دائم عادل .و الوطن العربي بالنسبة لروسيا قطب عالمي هام ، و يحتل المرتبة الثانية من حيث المساحة بعدها ( أكثر من 14 مليون كلم مربع، و روسيا أكثرمن 17 مليون كلم مربع ) .و الدول العربية معروفة بثرائها ، و علاقات دافئة لروسيا مع الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله، بحكم موقعه الجيو – سياسي المطل على إسرائيل في أطول جبهة عربية . و بسبب سياسته الخارجية المتوازنة و الحكيمة .و علاقة مماثلة مع مصر زعيمة العرب ، ومع دول الخليج ، ومع العراق ، و شمال ووسط أفريقيا . و تطمح روسيا لعلاقات اقتصادية متطورة مع العرب من زاوية التعاون المشترك ، و ليس على طريقة أمريكا و تغولها المالي الاستثماري و سط الدول العربية الغنية . و حجم تبادل تجاري روسي – عربي وصل عام 2022 إلى 18 مليار دولا . و أكثر الدول العربية إستثمارا في روسيا هي ( الإمارات و قطر و السعودية ) و بحجم وصل إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي و بحكم ما يملك من بترول و غاز إلى 11 مليار دولار . و للحديث بقية ، و نعم لعلاقات روسية – عربية أكثر تطورا .