
سميح المعايطة
موافقة حماس ونتنياهو على خطة ترامب ليست نهاية الطريق بل أوله، فالمسافة بين الموافقة واستقرار غزة طويلة فالتفاصيل والنوايا وعملية بناء الجسم الذي سيحكم غزة وسلاح غزة واعادة الاعمار كلها قضايا ستحتاج الى شهور وربما اكثر ليتم التفاهم حولها فضلا عن الجدول الزمني لانسحاب اسرائيل من غزة وتفاصيل تكوين الادارة الجديدة وكيف ستعمل ….
لكن الأردن الذي عاش مرحلة صعبة خلال العامين الماضيين ينظر للامور باولوية وقف العدوان وإعطاء اهل غزة فرصة العودة للحياة ،وهذا لايقدم حلا جذريا للقضية الفلسطينية لكنه يخلص الفلسطينيين من اثار الحرب على غزة ويوقف القتل والدمار ويقطع الطريق على مشروع التهجير.
لكن الاردن يدرك ان جهدا كبيرا يجب ان يتم بذله في سياق اعادة الحضور للقضية الفلسطينية وليس فقط لغزة اي العودة الى دعم فكرة الدولة الفلسطينية والتواصل الجغرافي للأراضي المحتلة عام ٦٧ .
لكن الاردن يدرك ان هناك ملفا خطيرا سيبقى تحت المتابعة الاردنية وهو ملف الضفة الغربية والقدس خاصة في ظل السياسات الاسرائيلية ،ولوكانت مسارات الحل في غزة شاملة وتتعامل مع الاراضي المحتلة عام ٦٧ باتجاه حل الدولتين لكان هذا باطفاء القلق على مستقبل الضفة والقدس .
وخلال عامي الحرب كان الاردن يواجه محاولات عدائية من الاخوان وقوى اخرى داخلية وخارجية لإدخال الاردن في ازمة أمنية وسياسية ،وسعي هذه القوى لاستدراج الاردن الى الحرب وتحويله الى ساحة تخدم توجهات تنظيمات في الاردن وخارجه.
لاسباب عديدة فان الاردن بعد حرب غزة يخلو من وجود الاخوان المسلمين التي اصبحت جماعة محظورة ،وتخلص بنسبة كبيرة من محاولات اضعاف الدولة واشغالها أمنيا داخليا ،وهذا تطور مهم حتى وان لم يتم الانتهاء من ملف الاخوان والحزب الى الان .
وخلال عامي الحرب كانت الدولة من خلال الحكومة مهتمة بالشأن الداخلي ،ومع بداية هذا العام شهدنا تحولا من الدولة الى الداخل سياسيا دون ان يكون هذا على حساب اداء الاردن واجبه تجاه غزة واهلها .
اليوم هناك توقعات في بعض الاوساط ان تذهب الدولة الى خطوات تعمق الاهتمام الشامل بالشأن الداخلي عبر ملفات ذات اولوية وان يسمع الاردنيون خطابا اولويته اردنية سياسيا وتنمويا ،وان تقترب الدولة اكثر من تفاصيل حياة الاردنيين بكل الادوات الممكنة .
الحرب على غزة كانت مرحلة صعبة نجح الاردن بتجاوزها بأداء سياسي وانساني صادق في مساندة الأشقاء، وحزم في اغلاق الابواب امام استدراج الاردن الى اي فوضى او مواجهة لاتحقق مصالحه ،وقدمت الدولة والاردنييون نموذجا رفيعا في مساندة الأشقاء.