د. محمد كامل القرعان
في الوقت الذي يشهد فيه الأردن حراكًا إصلاحيًا واسعًا في الحياة السياسية، تبقى الأحزاب في دائرة التساؤل حول قدرتها على ملامسة نبض الشارع والتعبير عن هموم المواطنين. فالكثير من هذه الأحزاب ما زال حبيسًا داخل غرف النخبة، بعيدًا عن القواعد الشعبية التي تشكل أساس العمل الحزبي ومصدر شرعيته.
لقد تحولت بعض الأحزاب إلى أطر شكلية تتحدث بلغة النخبة وتغفل لغة الناس واحتياجاتهم اليومية. الخطاب الحزبي، في معظمه، ظلّ نظريًا وشعاريًا، بعيدًا عن القضايا التي تهم المواطن الأردني كالبطالة والتعليم وارتفاع الأسعار والخدمات. هذا الانفصال عن الواقع الشعبي جعل من الأحزاب كيانات بلا قاعدة جماهيرية حقيقية، الأمر الذي عمّق فجوة الثقة بين الشارع والعمل الحزبي.
إن مشروع التحديث السياسي الذي يقوده جلالة الملك يعوّل على بناء أحزاب برامجية فاعلة، تمتلك حضورًا مجتمعيًا وتشارك بفعالية في صنع القرار. لكن تحقيق ذلك يتطلب من الأحزاب مراجعة بنيتها وخطابها وأساليب عملها، والتوجه نحو الناس لا نحو المكاتب المغلقة، والاهتمام بالعمل الميداني لا بالتصريحات الإعلامية.
فالحزب الذي لا يعيش هموم الناس، ولا يشاركهم تطلعاتهم، ولا يسمع نبض الشارع، لن يتمكن من البقاء في المشهد القادم. فالمستقبل السياسي في الأردن سيكون للأحزاب القادرة على الجمع بين الهوية الوطنية والعمل الميداني، والبرنامج الواقعي والالتزام الشعبي.