عمران السكران
في بيروت، توزّعت الكاميرات على النجوم السوريين واللبنانيين والمصريين في ليلة “موريكس دور”، وهي واحدة من أبرز الجوائز الفنية السنوية في العالم العربي، أُطلقت في لبنان عام 2000 على يد الطبيبين زاهي وفادي الحلو، بينما الأردني غاب عن الحفل وكأنه لم يسمع بالموعد أصلاً، لا دراما أردنية، ولا أغنية أردنية، ولا حتى حضور رمزي، المشهد يشبه أن يكون لديك عرس في الحارة كلها وأنت الوحيد الذي لم يتلقَّ بطاقة الدعوة.
الغريب أن الدراما الأردنية ليست وليدة الأمس، فهي رافقت بدايات الفن العربي، وخصوصاً في الأعمال البدوية التي كانت تُعرض على شاشات عربية كبيرة، لكن، فجأة، وكأننا تركنا السباق وقررنا الجلوس على المدرجات نصفّق للآخرين.
هل كان المنظمون بحاجة إلى ختم جواز سفر خاص ليدخل الفنان الأردني؟ أم أننا نحن من وضعنا فنّنا في إجازة طويلة بلا عودة؟
الموضوع لا يحتاج لمعجزة، يكفي أن ندعم إنتاجاً محلياً جدياً يخرج من حدود المسلسل التقليدي، ويفتح الباب أمام الكوميديا الاجتماعية والدراما المعاصرة، يكفي أن نصدّر مطرباً واحداً أو فناناً يعرف كيف يوصل صوته أبعد من حدود جبل عمّان، يكفي أن نؤمن بأننا نستحق مكاناً على المنصّة، لا في الصفوف الخلفية.
الغياب عن “موريكس” ليس قدراً ولا مؤامرة، بل نتيجة أننا تركنا الحقل بلا حراثة، والسؤال الآن: متى نقرر أن نزرع من جديد.. غياب أردني عن جوائز “موريكس دور”: هل نحتاج لتأشيرة حضور؟
الأسئلة كثيرة: لماذا لا نرى عملاً أردنياً ينافس في هكذا محافل، مع أن الدراما الأردنية بدأت مبكراً، وسارت جنباً إلى جنب مع الدراما العربية منذ عقود؟ وكيف تحوّلنا من روّاد في الأعمال البدوية والتاريخية والمسلسلات إلى مجرد متفرجين؟ وهل يكفي أن نُعلّق الغياب على شماعة قلة الإنتاج أو ضعف التسويق، بينما الحقيقة أن هناك تراخياً في إبراز الهوية الفنية الأردنية عربياً؟
ربما نحتاج إلى قليل من السخرية لنهضم المشهد.. ولن نضع من ضيع الدراما والفن الأردني على علاقة الحجج، المسؤول عن هذا الغياب جهات عدة سواء رسمية أو خاصة من وزارة الثقافة والجهات المعنية والشركات الخاصة الداعمة ومحطات التلفزة، وعلى رأسها ممكن يكون الفنان نفسه، ولكن علينا أن نضع الحلول التي اعتقد انها ليست مستحيلة، أولاً، يجب أن نعيد الاعتبار للإنتاج الأردني الجاد عبر شراكات عربية تضع الممثل الأردني في قلب المنافسة، لا على الهامش.
ثانياً، الأغنية الأردنية بحاجة لتسويق حديث يتجاوز حدود الراديو المحلي، عبر دعم حقيقي لمطربين شبّان يملكون أصواتاً قادرة على المنافسة.
ثالثاً، لا بأس أن نجرّب الكوميديا الاجتماعية المعاصرة، بدل أن نظل أسرى المسلسلات البدوية أوالتقليدية، فالجيل الجديد يريد أن يرى نفسه على الشاشة.
وهناك حلول كثيرة، لكنها تحتاج إلى إرادة وغيرة وطنية من جميع الجهات الرسمية، والخاصة، والنقابات الفنية، فلكل منها دور مهم في تمكين الدراما الأردنية من حجز مقعد لها في البرامج والجوائز الفنية العربية، فغياب الأردن عن “موريكس دور” ليس قدراً، بل بل نتيجة أننا تركنا الحقل بلا حراثة ونتيجة تراكم الإهمال والتقصير.
فالفن الأردني يملك تاريخاً وخامات بشرية ومواهب حقيقية، لكنه بحاجة إلى مخرج أو جهة داعمة يعرف كيف يضعه تحت الأضواء، أما نحن، فسنظل ننتظر دعوة الحفل القادم، علّ الأردن يدخل أخيراً المشهد، لا من باب المجاملة، بل من باب الاستحقاق.