
معاويه ابو جلبان
هنالك العديد من الدراسات التي أثبتت أن الضغوط النفسية متراكمة ومتعددة المصادر، ومختلفة الجوانب والأبعاد, وممتدة التأثير على الحياة الأسرية .
قال تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “، يتضح من خلال الآية الكريمة أن الزواج الناجح والمستقر لا بد أن يقوم على المودة والرحمة والاهتمام والرفق بين الزوجين، وخاصة أن في مجتمعاتنا الشرقية يكون جل تركيز الأسرة على تلبية حاجات ورغبات الأفراد فيها من مأكل وملبس ومسكن، ولا تتيح لهم التعبير عن انفسهم بالشكل المطلوب. فالضغوطات النفسية الحياتية وزيادة الأعباء وظروف التنشئة الاجتماعية وغيرها من الأسباب التي أثرت على الجانب التوافقي لدى أفراد الأسرة بشكل عام والزوجين بشكل خاص، ولا شك أن عدم الاهتمام بهذا الجانب وعدم إدراك كل زوج لمصادر ضغوطه، وعدم القدرة على معرفة التعامل مع هذه الضغوطات سينعكس سلباً على حياة كل منهما ويؤثر في التوافق الزواجي.
تعد الضغوط من أهم سمات العصر الراهن الذي يشهد تطورات وتغييرات سريعة في جميع مجالات الحياة، وهي أصبحت تشكل جزءاً من حياة الأفراد نظراً لكثرة التحديات التي يواجهها في هذا العصر، ولذلك فهي تكاد تنتشر في مختلف البيئات والمجتمعات. كما تعتبر الضغوط من الحقائق الطبيعية التي لا يمكن تجنبها في حياة الأفراد، وتوصف بأنها المشكلات التي تواجه الأفراد طوال الحياة، فالضغوط عبارة عن قوة تسبب جهداً فسيولوجيا وسيكولوجيا لدى الأفراد عند تعرضهم لمثير، وأنه رد فعل فسيولوجي وسيكولوجي وانفعالي وعقلي ناتج عن استجابات الأفراد للمثيرات البيئية والصراعات والأحداث الضاغطة المتباينة (Lin & Yusoff, 2013).
فهناك العديد من الضغوطات الحياتية والأعباء الواقعة على الزوجين كضغوطات في الأدوار الاجتماعية التي تنشأ عن مطالب الأدوار مثل الوالد والزوج والموظف وغيرها من الأدوار داخل الأسرة، وضغوطات تتعلق بالعمل وبيئته، بالإضافة إلى ضغوطات متعلقة بالناحية المالية وتراكم الديون، ومنها ضغوطات تتعلق بفقدان أحد أفراد الأسرة، وضغوطات تتعلق بتلبية الاحتياجات. وهذا يتطلب من الزوجين التعامل معها بطريقة إيجابية وجدية لتخفيفها ومنعها حتى يحافظان على استقرار الأسرة ونجاحها.
وتعد الأسرة المصدر الأكثر أهمية في دعم أفرادها والوقوف معهم، فهي تعمل على تحقيق العديد من الجوانب الحياتية وخاصة النفسية والاجتماعية، وتعمل على توفير أكبر قدر من الأمن والتوازن، فالعلاقات بين أفراد الأسرة من أهم المصادر التي تبعث الرضا الداخلي والرضا عن الحياة، وتحقيق التوافق فيما بينهم. وهي دليل على التماسك والقدرة على التكيف لنظام الأسرة، ولكن غالباً ما يواجه الأفراد ضغوطات نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية … الخ (زيادة، 2018).
ويعد الزواج الضمان الاجتماعي الذي يلجأ إليه الأفراد، القائم على الرضا من خلال التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، وهو يعمل على توفير الأمان للاحتياجات، والالتزامات الاجتماعية، وتنمية الشخصية. فالنساء اللواتي يعملن يواجهن مشكلات أكثر في عملية التكيف في حياتهن الزوجية، وله تأثير سلبي عندما تكون الزوجة تريد العمل ولديها حياتها المهنية (Pal, 2017).
كما ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الصعوبات التي زادت من الأعباء على الأسرة الأردنية، وخلقت العديد من الضغوط عليها، ومن هذه الجوانب تعددت الأدوار الاجتماعية لدى الزوجين، وتفاقم الأعباء المادية، وقد تفاقمت مشكلات الأزواج نتيجة تزايد هذه الضغوطات عليها. وهذا ما أثر على الحياة الأسرية بشكل عام والعلاقة بين الزوجين بصفة خاصة، وهذا ما تشير إليه دراسة هاشم (Hashim, 2007) أن الضغوطات المختلفة التي تتعرض لها المرأة العاملة المتزوجة تؤثر في أدائها لمهامها الأسرية، الأمر الذي يؤدي إلى آثار سلبية على حياتها وتوافقها الزواجي. فمعرفتنا لذاتنا وقدرتنا وتوقعاتنا على التصرف بطريقة ما وفهم كل منا الآخر يساهم في إنجاح استمرارية وديمومة حياة زوجية ناجحة، وهذا ما يقوم به التوافق الزواجي للتصدي للضغوط ومواجهتها.