كمال زكارنة
لم تعد هناك فواصل او مساحات، ولا مسافات لطرح الافكار والاقتراحات والوساطات والتدخلات والفرضيات،لان الاوضاع في قطاع غزة وصلت الى حد السيف، وأكلت نيران الحرب جميع الخيارات ،الا خيار وقف الحرب الذي له ما بعده دون الخوض به قبل اعلانه.
اي طروحات يلقى بها في فضاء الوسطاء، من قبيل الهدن الانسانية او التكتيكية ،او لادخال المساعدات الاغاثية والوقود ،او تحت اي مسمى اخر، لن تخدم الا استمرار الحرب واهداف الاحتلال الذي يشن العدوان،فهي تمنحه مزيدا من الوقت والفرص لايقاع اكبر عدد ممكن من الشهداء والجرحى والمفقودين ،والمزيد من الدمار والخراب ،في قطاع غزة ،وزيادة المعاناة على الغزيين ،وتدمير حياتهم في جميع المجالات ،ومواصلة حرب الابادة الجماعية بحق المدنيين وخاصة الاطفال والنساء.
اصبحنا نسمع ونلاحظ تغيرا في التصريحات والخطاب الاعلامي في العديد من الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية، وخاصة الرئيس بايدن المنحاز بالمطلق للاحتلال الاسرائيلي،لكن تغير اللهجة لم يرافقه اي تغير في المواقف العملية من العدوان الاسرائيلي العسكري الغاشم على قطاع غزة،ولا بد من الاشارة الى ان هذا التغير في اللهجة والتصريحات الاعلامية ،يعود لسببين ريئسيين،الاول المذابح والمجازر والابادة الجماعية التي قام ويقوم بها الاحتلال اثناء عدوانه المستمر على قطاع غزة،والاعداد الهائلة من الشهداء والمصابين والمفقودين وخاصة الاطفال والنساء والشيوخ،والسبب الثاني ،الصمود الاسطوري للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في وجه العدوان وتكبيد المعتدين خسائر فادحة في المعدات والارواح،وعدم تحقيق العدو لاي انجاز او نجاح اوو نصر عسكري حتى الان،وهناك سبب اخر ،وهو الضغط الشعبي الكبير الذي تتعرض له الحكومات الاوروبية والادارة الامريكية ،الرافض لهده الحرب وما ينتج عنها من مذابح ومجازر بحق الاطفال والنساء وكبار السن.
لقد اصاب يحيى السنوار، عندما اتخذ قرارا باغلاق الهاتف، وعدم الرد على الوسطاء في عملية تبادل الاسرى ،من النساء والاطفال،وبالمناسبة،لا يجوز اطلاق مصطلحات رهائن ومختطفين على اسرى الاحتلال لدى المقاومة الفلسطينية ،فهم جميعا عسكر،ولا يوجد في الكيان غير العسكر ،وكما يلاحظ الجميع ،فان جنرالات متقاعدين ومن جميع الرتب وفي عمر التسعين ،انضموا للقتال وسقط منهم القتلى والاسرى والجرحى ،والنساء منهم يقاتلن جنبا الى جنب مع الرجال،ويقدن الدبابات والمدرعات والاليات،فلا وجود للمدنيين في المجتمع الاسرائيلي ،بل كلهم مسلحون عسكريون ذكورا واناثا ومن جميع الاعمار.
على قيادات المقاومة الفلسطينية القفز عن ما يسمى بالهدن تحت اية مبررات او ذرائع ،والتمسك بمطلب واحد لا غير،وهو وقف الحرب كليا وعلى جميع الجبهات ،في قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة ،وعدم منح العدو اي فرصة او مزيدا من الوقت لمواصلة عدوانه،لان استمرار الحرب يعني استمرار المذابح والمجازر ضد الشعب الفلسطيني ،سواء حصلت الهدنة ام لم تحصل،وحسم الموقف بعدم التفاوض نهائيا حول الهدن وعمليات التبادل، الا اذا تحقق شرط وقف الحرب بشكل نهائي وشامل،حفاظا على ارواح ابناء الشعب الفلسطيني، وما تبقى من منشآت ومباني وبنى تحتية دون تدمير.
المزيد من الصمود والصبر يحقق الانتصار، رغم فداحة الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين،لكن العدو ايضا يتكبد خسائر لم يتوقعها في تاريخه،وفي الوقت الذي بدأ انهيار العدو واضحا ومرئيا،فان القوة الرئيسية لدى المقاومة الفلسطينية تنتظر على احر من الجمر لدخول المعارك والمشاركة فيها ،وهذا يعتمد على الاستراتيجية والتكتيكات العسكرية التي تتبعها المقاومة في هذه الحرب الضروس.