وجه الشّبه ما بين إكتشاف أخوين بالرّضاعة ، وما بين إكتشاف السّحر بعد الزّواج
كان يحدث فيما مضى ، وبالتّحديد أيّام السّلاطين والجبابرة ، أن تقع عين السّلطان أو الحاكم أو الوالي على فتاةٍ غاية في الجمال وكاملة الخصال ، رفيعة في النّسبِ والحسب ، فيتزوّجها رغماً عنها وأهلها حتّى وإن كان كريهاً عفناً ، أو معاقاً مسخاً ، والحجّاج بن يوسف الثّقفي كان من هؤلاء الّذين تزوّحوا ممّن لا تناسبهم بحكم سطوتهم ، فتزوّج من إمرأة إسمها هند رغماً عنها وعن أبيها ، وذات مرّةٍ بعد زواجهما جلست أمام المرآة تترنّم ببيتين من الشّعر :
وما هنـد إلاّ مهرة عربية … سلـيـلـة أفــراس تـحـلـلّـها بـغـل
فإن ولدت مهرٌ فللّه درّها … وإن ولدت بغلٌ فقد جاء به البغل
فطلّقها الحجّاج من لحظتها ، ولمّا سمع بجمالها الخليفة عبدالملك بن مروان ، خطبها لنفسه وتزوّجها ، فكان ممّا قالت : الحمدلله الّذي أبدلني الدّرهم بدينار .
وهذه الأيّام ، وقد اختفت تلك السّطوة ، ولم يعد لآيٍّ كان فرض نفسه على من هي أفضل منه شكلاً ومضموناً ، لجأ العديد من مرضى النّفوس ، والّذين لا يخشون الحرام ، ولا يحسبون لله حساب في الدّنيا والآخرة ، إلى طريق شيطانيٍّ خطير ، وسلوكٍ منحطٍّ وحقير ، بالإستعانة بالسّحرة والكفرة لكتاية أسحارهم لقاء دراهم معدودةٍ ، وثمنٍ بخسٍ ، الوالدان لهم ولدٌ أهوج أو أطرش أو أعرج أو أعور أو معتوه أو مريض أو غبي أو هلفوت ، أو ألوح أو أكتع أو غير سويّ بعاهة ، فيختارون له بنت جامعيّة ، جميلة ، كاملة الأوصاف ، وبالسّحر يصلون إلى مرادهم ، بحيث تراه وأهلها بأنّه طبيعي ومناسباً لها ، وما هي إلاّ ليلة الزّواج فإن انكشف الأمر بعدها ، يكون قد فات الآوان ، ولا سبيل للرّجوع ! ولا أدري إن أنشدت ما قالت هند قبلها أيفيدها ذلك بشيء في هذا الزّمن الرّديء ؟