
رندا حتاملة
لا يمكن أن ينسلخ مفهوم هيبة الدولة عن سيادة القانون وتطبيقه على كافّة فئات المجتمع، ونحن إذ نتعرّض للحديث عن هيبة الدولة؛ فإننا نعنى وجودها الدال على قدرة مؤسساتها في ترسيخ الإيمان بها والامتثال لقوانينها والرّضوخ لما تمليه وطاعة تلك الهيبة بشقيّها الظاهري والجوهري، فالظاهري ينعكس في ردود أفعال المواطنين على مختلف القضايا أياً كان نوعها سيما أننا بتنا نلحظ في الآونة الأخيرة السخرية والتهكم التي تضج بها منصات التواصل الاجتماعي بعد كل قرار تتخذه الحكومة، وهنا وجب أن لا نخلط بين الدولة الأرض والكيان وبين الحكومة، وإنما نشير إلى الحكومة كونها أداة الدولة لرسم الخطط وتنفيذ القانون، أما عن الشق الجوهري، فهو مفهوم عميق يتلخّص في عمق العلاقة بين المواطن والدولة وتحقّق مفهوميّ الولاء والانتماء للدولة، حيث لا يمكن تحقيق الانتماء والولاء إلاّ حين يشعر المواطن بقيمة العدالة وتكافؤ الفرص وتوفّر المساواة، وحينما تتجسّد هذه المبادئ في الدولة نكون قد أرسينا ساعتها قواعد سيادة القانون، ومنه يترسّخ جوهر مفهوم هيبة الدولة.
في مقابل ذلك علينا أن نعي أنّ الحديث عن الهيبة لا يجب أن يقودنا إلى ما قد يتبادر إلى أذهان البعض عن اقتصار المصطلح على قيم التهديد والوعيد، فالهيبة تعني فيما تعنيه تقديم الدولة على أيّ كيان آخر، وقد رأينا بالأمس القريب حيث أقيل وزير العدل كما وزير الداخلية، وهما من أخطر الحقائب الوزارية وأدسمها لما تعنيانه من حيث تشريع القانون وإنفاذه وحمايته، وفي سابقة لم تعهدها الأردن أمر رئيس الوزراء بتقديم استقالتيهما. رغم أنّ المخالفة كان من الممكن طيّها ورغم أنّ الوزيرين لم يكونا على خلاف مع الرئيس الذي انتقاهما منذ خمسة أشهر ليكونا في حكومته، إلاّ أنّ الأردن اليوم على موعد من الحزم في إنفاذ القانون وتطبيق العدالة والمساواة، والمتمعّن لأمر رئيس الوزراء بإقالة وزيريه يجد رسالة جلية تبرهن على أنّ الأردن المرهق اقتصاديا والمثخن بعواقب كورونا بات يدرك أنّ إنفاذ القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية هي أولى السفن التي لابد من ركوبها لاجتياز المحن، وأننا على موعد مع نبذ الواسطة والمحسوبية ليتعمق انتماء الفرد أكثر وأكثر إلى دولة القانون.