لا بد من الاعتراف بان المشهد السياسي او بالأحرى الثقافة السياسية الشعبية ما زالت دون المأمول وهي بحاجة الى رعاية أكثر من قبل الحكومة والمؤسسات الراعية للعمل الحزبي والسياسي داخل المملكة .
فهناك من النقاط السوداء لا بد من تجاوزها والعمل على حلها وفي مقدمتها اقناع الاردنيين ان السياسة مدخل اساسي لحل الكثير من القضايا الاقتصادية التي نعيشها وان العمل السياسي يساعدنا في تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة تنافسية الانتاجية، فهذه من الخطوات الاساسية التي يجب العمل عليها لا سيما محو ما علق بذاكرة المواطنين وقناعاتهم الشخصية من تصرفات من قبل اشخاص اساءة للاحزاب وتكوينها واهدافها ودورها ، اذ كان نجاح اي تجمع حزبي مقرون باسم الامين العام له ولادولوجية معينة افقدته جوهر اداءه ودوره في تنظيم الحياة الديمقراطية وتنميتها.
هنالك الكثير من التصرفات ما زالت لغاية اللحظة موجودة للاسف فضلا عن معوقات يواجهها بعض الشباب نتيجة انضمامهم للاحزاب وتشكيلها وتأسيسها ، فالعملية تراكمية باعتبارها موروث تاريخي اساء للعمل الحزبي ويحتاج الى جهد واخلاص ونية صادقة من جميع المعنيين رسميين وحزبيين ومهتمين لتوفير الغطاء القانوني والشرعي لهذا القطاع المهم .
وهنا تتحدد ضرورة توفير جميع الوسائل والادوات لتنمية العمل السياسي وتطويره لدى المجتمع ، هذه الثقافة تولد في الغرب بتدريسها في المدارس والجامعات والمعاهد ضمن رؤية شاملة تضمن تخريج افراد قادة المستقبل وهم متسلحون بالمعرفة والثقافة السياسية الكاملة للمشاركة في العمل الحزبي والعمل العام والنيابي والنقابي .
وبرأي حتى ينجح العمل الحزبي لدينا في الاردن فلا مناص من تهيئة القاعدة بمعنى اخر البدء بعملية اعداد جيل من الصفوف الاساسية يدرس الثقافة السياسية ويمارسها عملا وفعلا ، وهذا يحتاج الى نفس طويل في التوازي مع جردة حساب بالقوانين الناظمة للعمل السياسي و اعداد قانون انتخابي يضمن افراز مجلس نيابي على اساس حزبي وكتل نيابية ذات برامج اصلاحية شاملة تتبنى تقديم رؤية اصلاحية سياسية وصولا الى تشكيل حكومات برلمانية على اساس حزبي حزبية وبرامج سياسية.
أن قضية الكتل النيابية لغاية اليوم لم تنضج بالشكل المطلوب الذي يتطلع اليه جلالة الملك عبدالله الثاني في ان تاخذ دورها الى جانب الاحزاب في العمل السياسي والتغلب على جميع المعيقات التي تعترض سبل وصولها الى تشكيل حكومات برلمانية لا سيما ان مجلس النواب هو صاحب الولاية في التشريع والرقابة وينبغي القيام بدوره في بعث الروح في عمل الكتل النيابية والحياة الحزبية والسياسية في المملكة فيستطيع اخذ دوره الطبيعي في تبني مبادرة وطنية لتفعيل الحياة الحزبية ودعوة جميع القوى العاملة في هذا المجال والخروج بصيغة يتوافق عليها الجميع لانتشال ما بقي من تفردات حزبية على الساحة الوطنية ، ولا بد من مراجعة ذاتية داخل المجلس في طريقة التعاطي مع تشكيل الكتل النيابية والنظر بقانون الانتخاب ، وان يراعى فيها المصلحة الوطنية العليا وقيادة دفة الدور البرلماني بما يخدم الصالح العام ويطور الحياة الحزبية والسياسية بشكل تكاملي ما باقي القوى الساسية والاحزاب الوطنية وفي الطرف الاخر يجب على الحكومة تهيئة الاجواء والمناخ المواتي لانجاح اي مساع لتحريك المياه الراكده وتعبئة الفراغ المطلوب للعمل الحزبي وبامكانها ذلك اذا ما ارادت انجاحه.