اسعد العزوني
منذ تنفيذ الجريمة الإرهابية في أمريكا ، التي تمثلت بتفجير البرجين في 11سبتمبر 2001 ، وقام بها الموساد الإسرائيلي واليمين الأمريكي ، وتبني زعيم القاعدة الراحل الشيخ أسامة بن لادن لها من خلال مباركتها ، وقعنا نحن العرب المسلمين في فخ لم نستطع الخروج منه حتى يومنا هذا ، ودفعنا ثمن ذلك إحتلال أفغانستان والعراق وما تلاهما من عبث داعشي ، أدخلنا في مشروع خارطة الدم المتمثلة بمشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي أو الوسيع أو الجديد لا فرق ، نسب إلى الإسلام ، والإسلام منه براء وبريء.
منذ تلك الجريمة ، ونحن نسمع وبإلحاح مطالبات ونداءات لتجديد خطابنا الديني ، وواضح أن المقصود هو الخطاب الإسلامي ، وهنا مربط الفرس ، والدليل الواضح حد السطوع ، أن العرب المسلمين بريئون من تلك الجريمة ، لأنها بحاجة لعقل نافذ ومتنفذ في أمريكا ، ونحن كما يعرف الجميع ، إخترنا أن نكون غير نافذين ولا مؤثرين في أمريكا ، بل عارضي نفط وبالمجان مقابل نيل الرضا الأمريكي ، ناهيك عن شراء الأسلحة التي ربما لا تصل إلى المشترين ، بل ينالون العمولة منها فقط .
تواصلت الدعوات وعقدت الندوات ، وإزداد حجم التمويل الغربي لمثل هذه الدعوات ، وبات الكل يشدد على ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي فقط ، في حين أن ممولا أو مفكرا أو صاحب مركز دراسات لا يجرؤ حتى على التفكير في التفكير للدعوة لتجديد الخطاب اليهودي المتمثل في التوراة والتلمود ، وخاصة تلمود بابل الذي يعج بكافة صور وأشكال الموبقات والعنصرية والشوفينية ،ويكفي إدعاؤهم أنهم شعب الله المختار وأن الله خلق كل الأمم والأشياء “الغوييم”لخدمتهم.
قبل أيام شاركت في مؤتمر بعنوان” نحو خطاب إسلامي ديمقراطي مدني “، حضرته بطبيعة الحال نخب معرفية كثيرة ومن ضمنهم رجال دين عرب ، وشهدنا حربا إعلامية دينية لا حدود لها ، لأن الجميع جاؤوا إلى المؤتمر متمترسين في خنادقهم ، وخنادق الآخرين التي هيئت لهم ، وفق المرحلة الحالية التي تشهد “معركة “كسر عظم بين الدولة والإخوان المسلمين في الأردن ، ظهر من بوادرها العمل على تقسيمهم إلى جمعية شرعية وجماعة غير شرعية ، بعد أن كانت الجماعة هي “عظم رقبة ” النظام منذ تأسيسه ، وكانت رافعته الأساسية ، لكن المتغيرات الإقليمية بعد توقيع معاهدة وادي عربة بين الأردن الرسمي ومستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية”يهود إسرائيل ليسوا يهودا”، أواخر العام 1994 ، إقتضت مثل هذا التحول في التحالفات ، علما أن توقيع وإقرار هذه المعاهدة جاءا في ظل وجود نواب الإخوان وعددهم “17” في مجلس النواب ، وقد آثروا الإنسحاب من الجلسة عند التصويت على إقرارها ، بدلا من الإستقالة من المجلس.
خاض الجميع في نقاش عميق ببحر لجي ، لكن أحدا لم يتطرق إلى لب الحقيقة وأصل المشكلة ، وهو أن التجديد والإصلاح والتغيير في العالمين العربي والإسلامي ممنوع ، ما دامت مستدمرة إسرائيل موجودة ، لأن هناك نصا في التلمود يقول :أرسل لجارك الأمراض”؟؟؟!!! وهذه رسالة واضحة للمطبعين الذين يتهافتون على إستيراد منتجات هذه المستدمرة إلى الأردن ، ومن ثم إعادة تصدير بعضها إلى الخارج على أنها منتج أردني ،كما أن على المعنيين أن يدرسوا أسباب تزايد الأمراض السرطانية في الأردن بعد توقيع معاهدة وادي عربة ، ويتوجب علينا التذكير بقول لرئيس وزراء مستدمرة إسرائيل الأسبق ديفيد بن غوريون في هذا السياق : إن الصهيونية حطمت الجغرافيا وفرضت الحدود في العالم العربي ، لكنها عجزت عن تحطيم التاريخ لإرتباطه بالدين الإسلامي؟؟!!!
مسرح المؤتمر تحول كما قلت إلى مبارزة بين العلمانيين وبعض المثقفين المسيحيين ومن ينضوون تحت لواء أحزاب دينية غير جماعة الإخوان المسلمين ، وبين جماعة الإخوان المسلمين ، التي باتت بعد فشل الحراكات في العالم العربي ، جماعة غير شرعية ، ومطلوب رأسها ، إلى درجة أن أحد المشاركين كرس هجومه على جماعة الإخوان ، بسبب رفضهم لمهرجان جرش السنوي ، والأغرب من ذلك أن أحد الأعضاء المنتمين لحزب التحرير المحظور في الأردن ، أعلن عن نفسه وإنتمائه وقدم مداخلة هاجم فيها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ، ويقيني أن جرأة هذا الرجل كانت مدفوعة رسميا نكاية بجماعة الإخوان “غير الشرعيين”؟؟؟!!!
نعود إلى تجديد الخطاب الديني الإسلامي طبعا ، وهو أن الرغبة ملحة إسرائيليا ، لنسف كل الثوابت الإسلامية والعربية ، وهذه ما لمسناه بعد توقيع معاهدة وادي عربة ، والدعوات إلى تغيير المناهج الدراسية وشطب كل ما يتعلق بالأدب القومي والجهاد وما يدعو للعزة والكرامة ، وهناك من يبرر أن ذلك ضروري مواكبة لمعاهدة وادي عربة ،علما أننا لم نسمع أن الإسرائيليين فكروا بتغيير نصوصهم الشوفينية والعنصرية ، ضد العرب والفلسطينيين والمسلمين بشكل عام ، فأي أمة مهترئة نحن؟
الغريب في الأمر أن الرئيس المصري السيسي بات يقود بنفسه حملة تغيير الخطاب الإسلامي ،ولم نسمع من الأزهر الشريف موقفا واحدا ، رغم أن السيسي تجاوز المعقول بدعوته الأزهر إلى مراجعة بعض النصوص القرآنية التي تحض على الجهاد ،مع أن القمة الإسلامية ألغت الجهاد في مؤتمر داكار في ثمانينيات القرن المنصرم ،وسؤالي لو أن هناك جهادا يذكر ،هل بقيت فلسطين محتلة والقدس وأقصاها مدنسين بالإحتلال؟