
ايهاب سلامة
مؤشرات شعبية مقلقة .. وصممٌ نيابي حكومي سرّب الأصوات خارج القبة !
شكلت وقفة تضامنية حاشدة مع النائب صداح الحباشنة، أقيمت يوم أمس السبت في محافظة الكرك، جملة من الرسائل التي يتوجب على دوائر صنع القرار قراءتها بعناية، خاصة مع عودة منسوب الاصوات الشعبية للارتفاع بشكل ملحوظ للغاية ، رفضاً لقرارات حكومية اقتصادية اثقلت كاهل المواطنين، ولم تترك لهم بُدّاً من التعبير عن استيائهم واحباطهم، الا بالخروج الى الشارع.
غياب مجلس النواب عن المشهد، وابتعاده عن ملامسة هموم المواطنين وصمّ اذانه عن الاستجابة لأصواتهم المرتفعة، شكل ركيزة اساسية لزيادة الاحتقان الشعبي، الغاضب من اداء السلطتين التنفيذية والتشريعية، فيما قلبت محاولات اسكات بعض النواب وعلى رأسهم الرياطي الذي لحق بركبه زميله الحباشنة، السحر على الساحر، مثلما نقل التلويح المستمر بلجنة السلوك النيابي، لنواب مغردين خارج سرب الحكومة ورئاسة المجلس، اصوات ذات النواب من تحت القبة التي لم يعد يتسع صدرها لهم، الى الشارع، الذي لا يمكن اسكاته بطبيعة الحال، ويضع الحكومة ومجلس النواب معاً، أمامه مباشرة.
اعادة النظر في النظام الداخلي لمجلس النواب، بات مطلباً حيوياً لمحاولة اعادة ضخ الدماء في عروق المجلس المتيبسة، وعلى رأسها النظام الداخلي للجنة السلوك النيابية التي باتت سيفاً مسلطاً على اعناق نواب تتوافر لديهم نوايا العمل الوطني البرلماني الجاد، البعيد عن محاباة الحكومة، والانقياد وراء ضغوطات المجلس، فكيف يمكن تكميم افواه اعضاء في السلطة التشريعية الرقابية المحصنة دستورياً، وكأنهم طلاب في روضة او مدرسة ابتدائية، فيما يفترض أن تكون أصواتهم ومواقفهم تحت القبة لا خارجها، وباوسع مساحة ممكنة، بدلاً من تسربها خارج المجلس، بشكل يزيد من صعوبة احتوائها والسيطرة عليها لاحقاً، سيما ان امتزجت مع رياح أصوات الشارع المواتية.
عودة انتخاب رئاسة مجلس النواب كل سنة كما كان معمولاً به وفق النظام السابق للمجلس، بات ايضاً ضرورة حتمية، للتخفيف من تحصين موقع الرئاسة بصرف النظر عمن يتولاها، ولافشال تحالفات برلمانية براغماتية، طالما نشأت وفق مصالح ضيقة، ووضعت همّ المواطنين خلف ظهرها، وعقدت شراكات سياسية، بعيدة كل البعد عن العمل المشّرع للقوانين، في مرحلة سياسية واقتصادية داخلية حساسة للغاية، وخارجية اقليمية خطيرة، وابعد ما تكون عن العمل الرقابي لسلطة تغولت وانفردت وحدها في الساحة تسرح وتمرح.
المرحلة باتت تتطلب وضع النقاط على الحروف بشكل أمين ودقيق، وربما يكون استدعاء جلالة الملك للمكتب الدائم في مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية للقائهم اليوم، استشعاراً من جلالته بضرورة اعادة العمل البرلماني الى سكته الصحيحة، سيما وان حالة الضعف البرلماني الراهنة، التي تزامنت مع قرارات حكومية اقتصادية بالغة الصعوبة، بدأت تفتح أبواب الشارع شيئاً فشيئاً على مصراعيه، وتعطي مبررات شعبية اكبر للحراك، الامر الذي يتوجب قراءة مشهده بوعي بالغ، وأعادة تصويب ما يمكن تصويبه.
المجسات الحكومية التي تغاضت فيما يبدو عن التقاط شارات ومؤشرات مقلقة تنامت في الشارع مؤخراً، عقب قرارات الحكومة اليومية برفع الاسعار، لم يعد المواطن قادراً على استيعابها، تترجمها عادة مواقع التواصل الاجتماعي التي تتشح بلغة قريبة من مفرداتها ومضامينها، كلها تصبّ في مساحة توسع الهوة مع الحكومة والنواب معاً، وتبحث في ذات الوقت، عمن يمتلك القدرة على الابحار في سفينة البلاد، وسط امواج داخلية وخارجية عاتية، باكبر نسبة من الحكمة والحنكة والكفاءة والنجاح، وأقل قدر من الخسائر.