
احمد ذيبان الربيع
منذ فنرة طويلة ربما تقارب ربع قرن ، لم أكتب عن الشؤون المحلية باستشناءات قليلة ، حيث أخذتنا السياسة بما تحمله من حروب وأزمات وصراعات سياسية واقتصادية وتجارية ومناكفات بين الدول ، وآخر هذه العواصف قرارات الرئيس الاميركي ترامب ، برفع نسب الرسوم الجمركية بنسب متفاوتة على الواردات القادمة من دول أجنبية، لم يميز فيها بين حلفائه وأصدقائه وخصومه !
وفي بدايات عملي بالصحافة وحتى أواخر تسعينيات القرن الماضي ، كانت اهتماماتي في العمل الصحفي تنصب على الشؤون المحلية ، وخاصة مشكلات القطاع الزراعي بحكم أنني ابن بيئة زراعية هي منطقة الاغوار الوسطى ، حيث كتبت عدد يصعب حصره من التحقيقات والتقارير الصحفية والمقالات التي تناقش هذه المسألة ، ولا يزال الصديق ابراهيم السطري يزودني عبر تطبيق الماسنجر، بين فترة وأخرى بصور مقالات في الشؤون المحلية كتبتها في صحف ومجلات محلية عديدة ، في تلك الفترة التي كان للصحافة الورقية بريقها وكان عدد قرائها أكبر ، قبل أن يتم انتاج منصات وسائل التواصل الاجتماعي !
وبالمناسبة الزميل السطري يمتلك أرشيفا ورقيا نادرا وبجهد شخصي ، ربما غير موجود في مؤسسات كبيرة ، وعلى سبيل المثال عملت شخصيا في صحيفة “صورت الشعب” حوالي 12 عاما ، وتم تصفية الشركة وبيع موجوداتها الى صحيفة ” الأسواق” ،التي كان يصدرها ويرأس تحريرها الزميل والصديق مصطفى ابو لبدة، وأعتقد ان أرشيف جريدة “صوت الشعب” ذهب مع الريح !
ورغم زخم المواد الصحفية التي كتبتها في تلك الفترة ،لا تزال غالبية المشاكل التي يعاني منها القطاع الزراعي تتصدر أجندة الجهات المعنية ، حيث لم تجد حلولا جوهرية وأهمها ارتفاع كلف الانتاج والتسويق الزراعي ، حيث تنخفض أسعار المحاصيل الزراعية الى مستويات يضطر بعض المزارعين أحيانا ، الى تركها للرعي المواشي !
ولا زلت أذكر صديقي “مصلح حمدان” الذي كان يعتبر مزارعا كبيرا في حينه ، ويعمل الآن في مهنة المحاماة ،عندما نشر اعلانا مأجورا بجريدة صعب الشعب ، في ثمانينات القرن الماضي كلفه 80 دينارا بخصم حوالي 20 % ، بوساطة مني باعتباري كنت أعمل في الصحيفة ، يدعو فيه أصحاب الأغنام للزحف الى مزرعته لرعي مواشيهم ليكسب أجرا ، بعد أن انخفضت أسعار المنتجات الزراعية، الى ما دون الصفر وأصبحت تكاليف نقلها الى السوق يدفها المزارع من جيبه ، وكتبت في حينه مقالا عن هذه المشكلة المزمنة !
هذه مقدمة طويلة تبدو أنها أقرب الى “كوكتيل” ، لكي أدخل في القضية الأساسية موضوع هذا المقال ، وتتعلق بتباين أسعار المستشفيات الخاصة ، بشكل يصل أحيانا الى الضعف بدون أي تفسير منطقي !
أفهم أن أجور الأطباء مقررة من قبل نقابة الأطباء ، وهناك نسبة خصم لشركات التأمين الصحي والنقابات المهنية ، والشركات الكبرى مثل البنوك وغيرها .
قبل بضعة أيام علمت بقصة تثير ألف علامة استفهام ؟ تتعلق بأسعار صورة طبقية لشرايين الدماغ لأحد الأصدقاء ، حيث ذهب الى أحد المستشفيات المعتمدة للتأمين الصحي للجهة التي يعمل فيها ، فأبلغته الموظفة المعنية بقسم الأشعة، أن سعر الصورة يبلغ 450 دينارا وقيمة التحمل التي يدفعها 90 دينارا ، وهي تعادل “20% من قيمة الصورة .
لكن عقله الباطن استيقظ بعد عودته الى المنزل ، وفي اليوم التالي اتصل مع أحد العاملين في نفس قسم الأشعة بالمستشفى ، فأبلغه أن كلفة الصورة 300 دينار ! وتواصل مع عدد آخر من المستشفيات لمعرفة كلفة الصورة ، وبعث لهم على تطبيق الواتساب اسم الصورة التي طلبها الطبيب المعالج ، فكانت المفاجأة المدوية أن الفرق كبير جدا في الأسعار ، فأحد المستشفيات أبلغه أن كلفتها 240 دينارا ، ومستشفى آخر قال أن كلفتها 220 دينارا ،وثالث قال أن سعر الصورة 205 دنانير ! وفي ظل هذه الفوضى السعرية، من هي الجهة التي تضبط هذا الفلتان ؟
وأريد اضافة فقرة ليست مرتبطة بهذا الموضوع وتتعلق بالمنتوجات الطبية ،التي يتم ترويجها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، والتي غالبتهما غش وتحايل وخداع للمستهلكين وربما عدد كبير يقع ضحيتها وأن أحدهم ، خاصة هؤلاء الذين لا يمتلكون قدرة مالية للمعالجة لدى أطباء الاختصاص أو المستشفيات الخاصة ، في الوقت الذي تزدحم فيه المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية بطوابير هائلة يحتاجون مواعيد طويلة تمتد لأشهر لأخذ موعد لاجراء صورة أو طبيب اختصاص !
Theban100@gmail.com