
الكاتب احمد القضاه
قلة الامطار وفقر الموسم
إنجاز – أحمد القضاه يكتب
الجميع في حيرة وحزن يخيم على المنطقة.. بعد رجوع أبو حسان من الارض إلى البيت جلس ما يقارب ساعة وهو صامت ،متشائم ،يفكر ويحسب على اصابعه ولم ينطق بحرف . الامام والمصلين في حالة ليست جيدة، وجبر صاحب الدكان بحالة توتر يمسك الدفتر والقلم ويحسب دَين كل عائلة، وسيارة مصفوفة بشكل عشوائي في أول القرية … النساء يجتمعن ويتحدثن عن سوء الاحوال، احدهن تشتكي من قلة المونة وأخرى تشتكي بعدم توفر قسط الجامعة، حالة غريبة تَمرُ على القرية. وقف أبو حسان وقال: ” يا الله ” وذهب يتوضأ جاءت زوجته تقول له : أبو حسان أريد أن اذكرك بان الاسبوع القادم سنذهب لشراء الاثاث لحسان .. خرج أبو حسان حزين ،متشائم ،ويفكر ماذا سيفعل ؟ وهو بالطريق صدف احد الاشخاص يدعى “أبو حامد” ،ومشوا سويا الى المسجد، تبادلوا الحديث الى ان دخلوا . بدا الشيخ بتوجيه سؤال للمصلين، يا جماعة الخير روحتوا على الزيتون ؟ عندي الزيتون مش حامل وكل الكرم ما بعمل تنكة .. معقول بس عندي ولا عند الكل ! وقف أبو حسان وقال : وزيتوني يا شيخ ولا حبه .. ومن الموجودين قال : ” يا عمي السنه ما اشتت” ” انلفح من المنخفض الاخير ” ” كيف بدنا نسد الدكانة ” ” الولد بده يشتري اثاث ” ” كيلو الزيت غير تصير بعشرة ” ” قلنا بنبيعهن وبندفع للجامعة ” ألتف الشيخ وقال : يا جماعة الخير الزيتون مواسم، وسنه بحمل وسنه ما بحمل، بعوضنا الله عن هالموسم .. وقف المؤذن وقام الصلاة ” الله أكبر ،الله أكبر ” رجع كل منهم إلى بيته وهو يشعر بالقليل من الطمنينئة .. تمر المنطقة بمرحلة جفاف بسبب قلة الامطار ودرجات الحرارة المرتفعة، مما ينعكس اثره على الاشجار ومحصولها، ويختلف اختلافا كامل عن المواسم الاخرى ولو ركزت لتلاحظ اختلاف لون الاشجار ووضوح حالة الجفاف والعطش عليها، وتغير لونها من الاخضر إلى الاصفر، يتأثر المزارعين في هذه الحالات مما يعتبر خسارة لهم ؛لان تكلفة العناية والوقاية اعلى من تكلفة الانتاج، وتترتب على المزارع مصاريف من حراثه ومن تقليم ومن تسميد، ومنهم من أخر موعد المناسبات الى هذه الموسم. ومن الاقوال التي تردد : ” لزيتون بسدك ” ” لما نخلص زيتون بخطبلك ” ” بعد ما ابيع الزيتون بعطيك تتدفع للجامعة ” في ضل هذه الظروف من غلاء للاسعار وتتدني للرواتب وقلة للاجور يمر جميع سكان القرية من حالة فقر شديد، لان الدخل الذي يتقاضه لا يغطي المتطلبات الاساسية لكل عائلة ودفع للفواتير… منهم من يسكن بالاجار ومدخن ولديه عائلة واطفال بالمدرسة ودوامه كل يوم، منهم من يملك بيت ولديه سيارة ومدخن ولديه عائلة ودوامه كل يوم .. لنحسب الراتب الشهري للدخل المتوسط( ٣٥٠__ ٤٢٠ دينار ) مع الالتزامات الشهرية : فاتورة كهرباء : ٢٠ دينار فاتورة ماء : ٢٠ دينار مواد تموينة ومنظفات :١٠٠ دينار مصروف مدرسة للاطفال : ٩٠ دينار مصروف للاب( اذا كان يملك سياره او لا يملك : ١٠٠ دينار خضرة وفواكه: ٤٠ دينار ( لم يحضر الا الاساسيات ) دجاج ولحمه وسمك : ٦٠ دينار ( شم ولا تذوق ) بطاقات شحن وراوتر: ٣٠ دينار قسط فلتر ماء او قالون مي : ١٥ دينار ٢٠+٢٠+١٠٠+٩٠+١٠٠+٤٠+٦٠+٣٠+١٥= (٤٧٥) دينار . اذا كان لديه بيت * وليس لديه طالب جامعي * ولم تتعطل الغسالة او الثلاجة * لم تخرب السيارة * ولم يزور اخ او اخت * ولم يشارك باي مناسبة * لم يمرض احد الاولاد * ملابس الاولاد بقيت كما هي ولم تشتري لهم بالاعياد * لم تتدفع العيديات ولم ياتي رمضان * وليس عليه اي قرض او التزام خارجي او قسط سيارة * الراتب للشخص الموظف الحكومي او القطاع الخاص اما الشخص الذي ليس لديه وظيفة يلجأ الى العمل الحر، ويتقاضى اجر يومي من ١٠ / ٢٠ دينار . فالقرية فقر وعزة واكراما للضيف . قبل عدة ايام وانا اركب بالباص حصل امامي موقفا لاحدى العائلات التي تجلس خلفي بالكرسي، الام تجلس والابن بحضنها والاب بجانبهما، الام تتبادل الحديث مع الاب وتتطلب منه شراء هاتف جديد، وكانت تقول له ” بدك تجيبلي ايفون مثل اخوك ما جاب ” الاب: ايفون !! الراتب لم يبقى منه الا ٤٠ دينار، لما يصير معي بجيبلك تكرمي . الام: دبر حالك، اذا ما جبته لزعل واروح عند بيت اهلي . صوت الكنترول وهو يقول لي : ” يا شب قوم قعد الصبية ” بعد حين اوقفت الباص ونزلت . افكر كيف الزوجة تريد هاتف ثمنه ١٠٠٠دينار وهو راتبه ٣٩٠ دينار ؟؟ من اين ؟؟ ولماذا تريده ؟؟ فالزوجات والابناء لهم الدور كبير في التكييف والاقتصاد، فالزوجة التي تكثر الطلبات والمصروف الزائد تذهب بالبيت الى الهلاك والخراب وتفكك الاسرة، مما تجبر الاب الاتجاه الى القروض والجميعات الروابيه والى السرقة احيانا.. انتِ كزوجه او ام يتوجب عليك العيش بالاقتصاد وتعليم الاطفال على ذلك، فالتتدبير نصف العيش . كان يقول والدي رحمه الله ” سوء التتدبير سبب للتتدمير ” ( اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا نافعا غير ضار )