الدكتور فخري النصر
قصص نجاح من وداي الطواحين 11
القصة الحادية عشر
تحدثنا في مقال سابق عن وراثة المناصب والوظائف العليا والقيادات في الدولة الأردنية الهاشمية, وكيف يورث الوزير منصبه الى ابنه وحفيدة , وراينا كيف قامت الدولة بزيادة رواتب هذه الفئة زيادة مجزية قد تصل الى 1000 دينار شهريا , بينما بقيت رواتب الموظفين العادين امثلنا ثابتة ,بل على العكس حدث لها تقشف وانخفاض نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومشتقات البترول. اليوم سنتحدث عن وراثة المهن الوضعية للطبقة الدنيا والمتوسطة , وظائف صعبة تحتاج الى مشقة وتعب وارهاق بدني ونفسي ,ووراثة الحرفة والكنية والالقاب بين الناس , وما اكثرها ؟؟؟؟؟ بالكاد لا يخلو اسم او عائلة من كنية او لقب سيئ غير مجبب بين الناس يسئ الى صاحبه ويشمئز منه الشخص ,وقد نها الاسلام عن التلامز والتنادي بالألقاب قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }الحجرات11. بطل قصتنا لهذا اليوم هو الشاب محمد اسماعيل شعبان (ابو دك) , من مواليد كفرنجة عام 1989م .حاصل على شهادة البكالوريوس المحاسبة من جامعة اربد الاهلية عام 2013م ,ترعرع محمد اسماعيل شعبان بين الطحين والعجين والفران والخبيز وبيع الخبز وعمل المعجنات وفطائر اللحمة وفطائر الزعتر . يعمل محمد اسماعيل الان معلم شراك ومعلم معجنات وفطائر , فهو يعد العجينة الخاصة بخبز الشراك والمعجنات , ويخبز خبز الشراك على صاج خاص يعمل على لهب الغاز , يقول محمد شعبان كنت دائما وانا صغير اساعد والدي في اعداد العجينة الخاصة بالخبز , واضع الملح والماء الفاتر والخميرة على العجينة كي تخمر وينضج الخبز بسرعة ,وكذلك كنت اساعد والدي في عملية الخبيز على نار الحطب في الفرن القديم المصنوع من الطين والفخار, ويستخدم الحطب وروث الابقار والاغنام في اشعال النار للفرن , ثم تطور الى الفرن الذي يعمل على الديزل, والان اصبحت عملية الخبيز على الغاز لان الاقل تكلفة واقل تلوث ويشتعل بسرعة . محمد اسماعيل شعبان انهى بكالوريوس المحاسبة من جامعة اربد الاهلية , ولم يجد وظيفة حكومية او اي وظيفة محاسب في شركة خاصة , واذا وجد يكون براتب قليل يكاد لا يغطي مصاريفه واجرة المواصلات اليومية ,فقرر ان يبقى في فرنه ويخبز خبزة ويعمل المعجنات والفطائر بشتى انواعها ونكهات مختلفة تسر المتذوقين والناظرين ,فقام محمد على فتح محل للمعجنات والفطائر وخبز الشراك , ويبيع فطائر الزعتر والحميضة وفطائر اللحمة وعمل البيتزا بأسعار رمزية توافق الجميع . كذلك محمد على استعداد تام و كامل لعمل المعجنات والفطائر بكميات كبيرة وبأسعار مغرية خاصة بالبيوت والعائلات والمعلمات وطالبات المدارس, فقط احضر المادة الغذائية التي تريد ان تصنع منها المعجنة ويقوم بعملية الشوي والخبز لها واعدادها بالشكل والوقت المناسب . كذلك محمد اسماعيل شعبان يقوم بعمل خبز الشراك ذو نكه خاصة بطحين القمح البلدي ويقوم ببيعه الى مطاعم الشاورما والفلافل من اجل عمل السندويشات ,ويعمل الشراك والخبز الخاص بالمناسف في لمناسبات الافراح والاحزان والاعياد الدينية والوطنية, ويعمل محمد شعبان قرص العيد والقسماط البلدي بزيت الزيتون العجلوني . محمد سعبان يحب العلم والعلماء والدراسة , وقد درس القران الكريم عند الشيوخ في دار القران الكريم ويحفظ اجزاء من القران الكريم غيبا , ودرس محمد شعبان الجامعة على نفقته الخاصة في جامعة خاصة وكل ذلك من تعب يده ومجهوده , لم يساعده احد في رسوم الدراسة ولم يستجدي من احد, ولم يطلب معونة من صندوق الزكاة ,بل على العكس كان يفضل ويزيد ويقرض أصدقائه , ويحمد الله كل يوم مئة مرة على النعمة التي هو بها , ويعتبر نفسه افضل بكثير غيره . محمد شعبان يحب الوطن ويحافظ عليه ويبنيه بيده ويطعم ابناء شعبه من خبزة بلده , والحمد الله انه ما زال هناك شباب مثل محمد شعبان يحبون الوطن ويدافعون عنه بطريقتهم الخاصة بهم , ويحبون العمل والعلم ويجمعون بينهما ويكونون انفسهم بأيديهم ولا ينظرون الى التركة والعطية والصدقة , ولا ينتظرون تركه من والديهما , بل على العكس يسرفون ويعطون اهاليهم من تعب ايديهم , بارك الله لهما في اجسامهم وعقولهم وايديهم ومالهم .