
د.محمد المصالحة
مباشرة، ودون مواربة أو إخفاء لنواياه الحقيقية، عبّر نتنياهو عمّا أسماه “مشروع إسرائيل الكبرى”، وذلك في لقاء صحفي أجراه مؤخراً، وكان يطلق عليه قبل عام وأكثر بخارطة جديدة للشرق الأوسط، ناغمه فيها ترامب حين قال إنه يسعى لتوسيع رقعة الكيان عمّا هي عليه الآن.
وطبعاً، يُفصح رئيس حكومة اليمين المتطرف بالفم الملآن عن سرديته التوراتية، كما يزعم أنّ إسرائيل الجديدة تضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن ومصر، أي ما كان يطلق عليه في سالف الأزمان دول الواجهة، أو الجبهة الشرقية. هذا ومن الممكن أن نقدم أكثر من قراءة لهذا الإفصاح، من قبل أكبر مسؤول في دولة الاحتلال في هذه المرحلة:–
أولاً: يمكن أن نقرأ تصريحات نتنياهو هذه بأنها ضرب من عملية تضخيم الأهداف، لإقناع الطرف العربي أو إخافته، للخضوع لشروطه وإملاءته عبر القوة العمياء، والجرائم المرتكبة في غزة والضفه ولبنان وسوريا وغيرها.
ثانياً: تعزيز ما يُطلق عليه “بالشعور والزهو القومي” لدى مواطني الكيان، وكسب رضاهم أو صمتهم، عبر قدرته على فرض أجندته الصهيونية على الطرف العربي، خصوصاً مع توفر دعم هائل من قبل حليفه ترامب، لطموح اليمين الحاكم بالتوسع والعدوان.
ثالثاً: إقناع حلفائه ومعارضيه، والتدليس عليهم لإسكاتهم عن رؤية المخاطر التي تجرها سياساته، باعتراف المعارضة والكثير من العسكر المتقاعدين وعائلات المحتجزين، وأنّ ما ينفذّه هو استجابة للرؤية الدينية بشأن إقامة إسرائيل الكبرى، ومما لا شك فيه، أنّ الهدف الحقيقي هو استمرار بقائه وحكومته الائتلافية بالحكم أطول مدة ممكنة، قبل أن يلجأ للانتخابات التي يمكن أن تخلصه من المأزق الحالي.
رابعاً: محاولته تضليل أو تعمية الرأي العام الدولي، المناهض لسياسات الإباده والقمع والبطش التي يقوم بها جيش الاحتلال في فلسطين، ويحاول عبثاً بهذه الحجة الدينية المتهافتة، أن يُثني الرأي العام الرسمي والدولي عن رفضه لإجرامه، واتخاذ إجراءات متفاوتة بشدّتها ضد الاحتلال. وهي إجراءات لم يألفها من قبل.
وأخيراً وهو الأهم، على الجانب العربي أن يعد نفسه لمثل هذه التهديدات السافرة للأمن الوطني والقومي العربي، والاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة.