د.حسام العتوم
انجاز : منذ أن رفض العرب ومنهم الفلسطينيون قرار تقسيم فلسطين عبر الأمم المتحدة عام 1947 بسبب أن فلسطين كلها عربية وتاريخ اليبوسيين والكنعانيين شهود عيان منذ قبل التاريخ، ولرفضهم التفاف الصهيونية على الأمم المتحدة حينها لإصدار مثل هكذا قرار، ومشروع الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة عام 196 يراوح مكانه، ولم تفلح اتفاقيتي مدريد عام 1991 و أوسلو عام 1993 وتحت الرعاية الأمريكية وعبر التفاوض السري والعلني المباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين من الوصول لحلول ناجعة للقضية الفلسطينية، وبقيت عالقة حتى الساعة، والأحداث الأخيرة الساخنة والمؤسفة بين الفلسطينيين والمستوطنين مؤشر على تعقد أوراق القضية الفلسطينية المرتبطة قانونا بالشرعية الدولية عبر الأمم المتحدة وقراريها الصائبين “181 242” الذين يطالبان اسرائيل بالعودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 علنا.
ومثلما أن لقاء مدينة العقبة الأردنية بتاريخ 26 شباط 2023 جاء تحت رعاية أمريكية أيضا ،وجمع الأردن وفلسطين ومصر بهدف تخفيض حدة التصعيد وصولا لمفاوضات مباشرة فلسطينية – اسرائيلية توصل لسلام عادل وشامل، وتعمل مؤقتا على تجميد الاستيطان اليهودي غير الشرعي، ووقف الاجراءات أحادية الجانب من الطرفين المتصارعين الفلسطيني والإسرائيلي، ومواصلة الاعتراف بمكانة الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، انتشر الخوف في الشارع الفلسطيني من الالتفاف مجددا على المقاومة الفلسطينية نبض القضية الفلسطينية العادلة ودرعها الواقي .
وفي المقابل تستثمر الولايات المتحدة الأمريكية استمرار الحرب الروسية الأوكرانية ، وتحديدا بين ( موسكو) ، و ( كييف ) ، وحلف ( الناتو ) بالوكالة لتحييد الدور الروسي في معالجة القضية الفلسطينية رغم شجاعته وعدالته، وهو المطالب علنا بدولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس المحتلة، وتجميد الاستيطان، وترسيخ الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، ولتثبت بأن قطبها الأوحد (الأمريكي – الأوروبي ) لازالت سيادته حاضرة وتشكل مظلة (محايدة ) للصراع العربي – الإسرائيلي، وفي صدارته الفلسطيني وتطالب أي أمريكا بتخفيض التصعيد بين كل ما هو فلسطيني واسرائيلي حرصا على أمن اسرائيل أولا كما يبدو ، بينما نلاحظها تطالب بتصعيد و تسخين الصراع الروسي الأوكراني بين (موسكو وكييف) عبر تزويد ( كييف – زيلينسكي ) بالسلاح الحديث والمال الوفير الغربي وبحجم وصل الى 150 مليار دولار ، بهدف استنزاف روسيا الاتحادية، وابعادها عن الساحة الدولية ، ولإحباط مشروعها في قيادة عالم متعدد الأقطاب ومتوزان خالٍ من التغول والهيمنة والسيطرة والاحتلالات، ومثلما هي أمريكا قدمت مجددا الى منطقتنا العربية والشرق أوسطية لمساعدة العرب في ازاحة الاحتلال الاسرائيلي عن أراضيهم ، أو هكذا يبدو لنا، تتهم روسيا بإحتلال إقليمي ( القرم ) و ( الدونباس ) المحررين حديثا بين عامي 2014 و 2023 من قبل روسيا الاتحادية بعد عودتهما مجددا للسيادة الروسية.
لا يرغب العرب بالدخول في فضاء خفض التصعيد من أجل خفض التصعيد ، ولا من أجل التفاوض من أجل التفاوض ، والانتقال بأوراق الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي القائم من العقبة الى شرم الشيخ والى أماكن أخرى، بينما القضية الفلسطينية باقية عالقة ولا ترى النور ، ولابد من الإرتقاء بها من المظلة الأمريكية الانفرادية الى مظلة مجلس الأمن والأمم المتحدة، ولربط مخرجاتها مباشرة بقرارات الشرعية الدولية لتسهيل الوصول الى حلول ناجعة تعيد للعرب وبكامل عمقهم الأيدولوجي وللفلسطينيين وللإسرائيليين حدودهم الآمنة التي رسمتها لهم الشرعية الدولية ، وأخطر ما يجري أو الممكن توقعه من جديد هو المرواغة أو الذهاب لإثبات براءة الذمة من الطرفين الأمريكي والإسرائيلي في زمن نفذ فيه صبر الشعب الفلسطيني المناضل – شعب الجبارين- والشعوب العربية كذلك ، وما أخذ بالقوة سيصعب اعادته بالسلام ان لم تكن القوة متوفرة عند الجانب العربي ، وأعني بها ( الوحدة ، و السلاح ،و الاستخبار، و التكنولوجيا الحديثة ).
وحدود الرابع من حزيران لعام 1967 وفقا للشرعية الدولية حزمة واحدة غير قابلة للتجزئة ومن شأنها دراسة فتح القنوات السياسية العربية والإسرائيلية والدولية كافة لتحقيق الهدف والأهداف المنشودة الكبيرة القادرة على اعادة السيادة للعرب، ولترسيخ الاستقرار والتعاون والتنمية الشاملة، لما فيه كل الخير للمنطقة وللبشرية جمعاء، ومشروع اعادة الجولان – الهضبة العربية السورية- في زمن اسحق رابين و حسني مبارك وحافظ الأسد من الممكن احياؤه الى الأمام بعد زوال حكومة اليمين المتطرف بقيادة الشخصية الإسرائيلية الأكثر تطرفا و عدوانية للعرب مثل بنيامين نتنياهو، ولتحقيق ذلك لا بد من انفراج عربي- عربي، وهو الذي نشاهد ملامحه الان حول العاصمة المنكوبة جراء هزتها الأرضية “دمشق” ، والسلام العربي مع اسرائيل الواجب أن يأخذ بعين الاعتبار ملف الرابع من حزيران وبكامل تفاصيله ، بأن يرتبط بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة والجولان السورية ومزارع وتلال شبعا اللبنانية ، ولا تطبيع حكومي أو شعبي عربي مع اسرائيل يمكن أن ينجح مالم تعيد اسرائيل حقوق العرب كاملة ، وتنتقل الى ذلك مباشرة من خفض التصعيد الى الحلول الناجعة .
واقتراب العرب من روسيا وسط حربها مع غرب أوكرانيا “كييف” وتفهم عمليتها العسكرية الخاصة أمر مهم، واقتراب العرب كذلك من أوكرانيا ” كييف ” لنصحها للذهاب الى السلام عبر التفاوض أمر مهم أيضا ، وها هو نجم هوليوود الأمريكي ستيفين سيغال يساند “روسيا – بوتين” في حربها الأوكرانية ومع ” الناتو” ويحصل على وسام الصداقة الروسية، واستطلاع حديث لمركز دراسات الجامعة الأردنية يظهر وقوف الأردنيين وبالطبع ليس كلهم الى جانب شخصية بوتين في حربة الأوكرانية ومع “الناتو” ، وللاعلام الاردني والعربي دور في هكذا توجه حميد، واقتراب العرب من الصين أمر في غاية الأهمية ، وكلها خطوات تصب في الانفراج العالمي لصالح تفكيك شيفرة الصراع العربي -الإسرائيلي ، ولا يجوز للعرب الاستمرار بقبول دور رئيسي لأمريكا في حلحلة الصراع القائم من دون دور مماثل لدول مجلس الأمن الكبرى، وكلها تمتلك حق “النقض الفيتو” ، وكما نعرف فإن الدولة العظمى الوحيدة في العالم التي استخدمت حق النقض ” الفيتو ” لصالح اسرائيل 43 مرة هي الولايات المتحدة الأمريكية، ووقوف مشهود لجانب القضية الفلسطينية من طرف روسيا والصين في مجلس الأمن، ولا سلطة كما نعرف للمحكمة الدولية في “لاهاي”، وأعلى سقف قانوني فعال وملزم يبقى “مجلس الأمن” وهو اقوى فاعلية من الأمم المتحدة حتى.