كمال زكارنة
على الخريطة الجغرافية،تقع غزة في اقصى الجنوب الفلسطيني ،على الحدود المصرية الفلسطينية،تلتحم طوليا مع البحر الابيض المتوسط من اولها الى آخرها، لكنها انسانيا ووجدانيا وتضامنيا، تقع في قلب الملك عبدالله الثاني بن الحسين،تتربع في هذا القلب العربي الهاشمي العروبي الاصيل،الذي يفيض شجاعة ونخوة وشهامة وكرما،لم تفارقه غزة منذ سمع اول طلقة بارود ، وشاهد اول شظية صاروخ جعلت طفلا غزيا ينزف دما ،او جسدا يتمزق ويتحول الى اشلاء، بفعل قنبلة امريكية القتها طائرة امريكية قادها طيار اسرائيلي او امريكي، لا يهم.
لم يهدأ الملك ولم يستكين منذ اليوم الاول للحرب على غزة،حيث سارع الى اجراء الاتصالات واللقاءات والجولات طول العالم وعرضه، وارسال المساعدات المختلفة جوا الى العريش المصرية ،لنقلها الى غزة،وكانت اول طائرة تحمل المساعدات الاغاثية الى اهل غزة اردنية،تبعتها طائرات اخرى،لكن نقل المساعدات لم ينتظم عبر معبر رفح الى القطاع الذي تحرقه نيران العدوان الاسرائيلي،فلم يصبر الملك ولم ينتظر الفتح المتقطع للمعبر ،ولم يحتمل المزاجية الاسرائيلية التي تتحكم بفتح واغلاق المعبر،فكّر وتدبر وابتكر فابدع،واهتدى الى فكرة ذكية، وهي الانزال الجوي فوق المستشفى الميداني الاردني في تل الهوى بغزة،الحي الذي يشهد اشد المعارك ضراوة،والفكرة بحاجة الى تنفيذ،والتنفيذ يلزمه الشجاعة والاصرار واجبار الطرف الآخر على الموافقة،وهنا تجلى الذكاء والحكمة الملكية المعروفة ،وتمت العملية ،وتمكن نسور الجو الاردنيون ،من ايصال المساعدات الطبية الى المستشفى الميداني الاردني في غزة بالمظلات مرتين،لم يرق للعدو هذا الفعل الاردني،فقام بقصف المستشفى وجرح سبعة نشامى من كوادره،لكنهم صمدوا هم وزملاءهم ،وما يزالون يقومون بعمل عظيم هناك،يداوون الجراح ويعالجون المرضى وينقذون الحياة .
لكن العدوان على غزة لم يتوقف ،بل اخذ يتصاعد ويزداد،وجعل من المستشفيات هدفا رئيسيا له،بعد ان تجاهل جميع القوانين والاعراف والحقوق والمعاهدات والتعهدات والاتفاقيات وغيرها،الواجب الالتزام بها زمن الحرب من اجل حماية المدنيين،وهاجم المستشفيات وقصفها بالطيران والدبابات، واحتلها وسيطر عليها ودمرها،بينما عيون الملك مفتوحة على غزة لم تغادرها ابدا،وكعادته دائما،تأبى الشهامة الملكية الا ان تملأ المسافة بين غزة وعمان،ليوجه جلالته بانشاء مستشفى ميداني جديد، باشراف مباشر من قبل سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله،بعد ان دمر العدوان مستشفى الشفاء في غزة وغيره الكثير من المستشفيات ومراكز صحية ودور رعاية،وهكذا يضمد الملك جراح الغزيين ويخفف من آلامهم ومعاناتهم ،وهي رسالة واضحة.. العدوان يدمر مستشفى ونحن نبني مستشفى ،ولن نترك غزة وحيدة تنزف وتتألم.
ما يقوم به الملك وما يفعله الاردن،يجب ان يستنهض جميع الدول العربية ،لمساعدة غزة ،واذا توفرت النوايا والاستعداد للعمل ،فان الجميع يستطيعون ويقدرون.