عصام قضماني
عن تغيير المناهج
بقلم: عصام قضماني
عندما يثار الحديث عن تغيير أو تعديل المناهج الدراسية في الأردن , تتحرك مجسات الممانعة الى تكريس الدين كهدف لهذا التغيير وهذا ليس صحيحا .
وبسرعة تتحرك تداخلات عنيفة وواسعة على مواقع التواصل لتشكيل رأي عام إلكتروني ضد الحالة, ويجري خلط يكرس جهلا في المفاهيم بين الإقرار بأن دين الدولة هو الإسلام وبين مبادئ مدنية الدولة باعتبار أن طابورا من العلمانيين يريدون إبعاد الدين والتقاليد والأعراف وفيها خلط من نوع آخر عن أساسيات الدولة .
لا بل هناك ما أبعد من ذلك , فقد تابعت على مدى أسبوع سلسلة من المقالات المناهضة لمدنية الدولة وتقديمها باعتبارها عدوا للدين , وهذا أيضا ليس دقيقا , خصوصا عندما تسوق كاتبة في صحيفة حزبية, وجود أحزاب مسيحية حاكمة ومناهج تقوم على أساسيات الدين المسيحي في أوروبا كأدلة على مشروعية محاكاة هذه الحالة في بلادنا , مع أن ذلك لم يكن موضوعا مطروحا للنقاش في أية مرحلة وإن تم بحثه في وقت ما فقد جاء في سياقات مناكفة لا تعبر عن روح الدولة ولا توجهاتها .
لا أعرف كيف قد يمس الإسلام بإدخال مواد تتحدث عن تاريخ الأردن والمنطقة العربية قبل الإسلام، وعن الأديان التي نشأت في هذه المنطقة وعن العلاقة بين المسيحيين والمسلمين وماذا قد ينتقص من عظمة الإسلام كرسالة جامعة من تغييب للتاريخ المسيحي في المنطقة، وهي حقائق تاريخية علمية لا علاقة لها بالمشاعر الدينية مع أن الأنبياء ورسالاتهم حقيقة راسخة في التاريخ وثقها القرآن الكريم وشرح تفاصيلها وطقوسها وليس هذا فحسب , فأذكر عندما كنا تلاميذ كان الشعر الجاهلي موجودا في المناهج باعتباره بلاغة وكانت من معلقات الكعبة المشرفة, ولم نغفل الحكمة الخالدة للرسول الكريم « خياركم في الجاهلية , خياركم في الإسلام , وما كان وصف الجاهلية الا مرتبطا بالدين والجنوح الى عبادة الأصنام وليس في الثقافة والمعرفة وهو تاريخ منسي بدأت المملكة العربية السعودية التنبه له ولوجوده في أرض الرسالة .
نعم , دين الدولة هو الاسلام، كما ينص على ذلك الدستور , لكن أيضا فإن الإسلام في صلبه وقبل الدستور أقر بالديانات جميعها وألزمنا احترامها والإيمان برسلها دون تفريق فكيف لا تقرها المناهج الدراسية التي يتعلمها أو يتلقنها الطلاب والطالبات، على اختلاف عقائدهم ودياناتهم، وتستمر بالتمييز والخلط بين دراسة «الدين» في «حصص الدين»، ودراسة العلوم الاخرى من منظور ديني كما في شؤون الكون والتاريخ والجغرافيا، بينما لم يلتفت واضعو المناهج لآيات كثيرة تحثنا على سبر أغوار الكون كدليل على الإيمان وأخرى فصلت ظواهر كونية وكشفت عن أسرار أثبتها العلم حديثا وفي أمثلة بسيطة , فقد تحدث القرآن عن النجم الطارق وعن طبقات السماء وهي سبعة وعن طبقات الأرض وهي سبعة وعن بوابات السماء وعن تمدد الكون والنجم إذا هوى والحديد المنزل ومواقع النجوم التي لا يمكن رصدها لفروقات سرعة الضوء وغيرها من العلوم قبل أن تكتشفها ناسا في أميركا , ماذا لو تم التركيز على هذه العلوم في ظلال القرآن , ألم يكن ذلك ليلعب دورا كبيرا في توسيع آفاق الطلبة وينتج لنا علماء كون وفضاء وطبيعة بدلا من وعاظ قال وزير الأوقاف أن معظمهم لا يحملون شهادة التوجيهي !!.
إذا كان تغيير المناهج سيركز على المساواة في الحقوق والواجبات، والكرامة الإنسانية، وحرية العبادة والضمير والمواطنة نصاً وحرفاً وتطبيقاً فمن المستغرب أن يكون هناك من يرفض!!.
الراي
1 تعليق
د. ايمن
كلام جميل حين يكون دين الدوله الاسلام كتابة و فعلا
فعندنا مكتوب في الدستور و لا نرى الاسلام على الارض فلا فرق بين عمان او اي عاصمه لا دينيه ( مدنيه)
و لقد زرت العشرات منها المشكله ان عندنا سكسزوفرنيا و انتقاء عجيب فالاسلام على الارض يعترف بالاخرين و يمنحهم الحقوق و يجتهد على دعوتهم للاسلام و نحن لا نفعل ذلك بل نعاملهم افضل من المسلمين و لا ندعوهم الى الاسلام و نبوس ايديهم و افكارهم من جبران الى زيدان الى عفلق الى … و طريقه لبسهم و نعطيهم الوكالات و فرص العمل و نضع رموزهم في مطاراتنا و نحتفل بكحولهم و اعيادهم و لا نجد منهم لا فقير و لا محروم فنحن امام مفترق طرق و يجب ان نقرر نريد الاسلام ام نريد ارضاء الاخرين و لا يجتمعان و لقد عشت في الغرب لعقود و اتكلم لغاتهم فهم و من يتبعهم في بلادنا انانيون الى النخاع و لا يؤمنون بالعدل و لا المساواه لغيرهم فلماذا نضعهم فوق رؤؤسنا و نتنازل عن كل شئ حبه حبه. فيفرط عقدنا و نصبح هونج كونج و سنغابور و دبي….