
ينال البرماوي
بتاريخ 16/7/2020 كتبت مقالة في « الدستور» تحت عنوان « أصولنا الزراعية في أمريكا « وكانت المناسبة أن خبيرا أردنيا ذكر لي أنه كان في زيارة قبل سنوات الى بنك البذور التابع لمجلس القمح الأمريكي والذي يحوي عينات لأصناف أصلية من البذور حول العالم وشاهد في أحد أجنحته المعدة بأحكام وعناية عينات أصولية من القمح الأردني تعود لسنوات طويلة وتصنف من أفضل أنواع القمح في العالم .
بلدان العالم المتقدمة وذات الاقتصادات القوية تركز على تطوير واستنباط سلاسات البذور المختلفة في اطار خطط تعزيز الأمن الغذائي ومواجهة التغيرات المناخية والتي تتطلب مواءمة الزراعة ومواسمها معها حتى تبقى في الحدود الآمنة من ناحية توفير الغذاء وزيادة مساهمة الزراعة في ناتجها الاجمالي ويتجلى ذلك بالصادرات وتوفير المواد الأولية للصناعات الغذائية وتوفير فرص العمل وتنشيط مختلف القطاعات وما الى ذلك .
حتى عهد قريب كانت سهول حوران ومعان والعديد من المناطق تكتسي باللون الأخضر بما يتم زراعته من مساحات كبيرة من القمح والشعير كانت تذهب غالبيتها للتصدير لدول عربية وأجنبية ولكن اليوم مجمل ما يتم انتاجه لا يتعدى 7% من اجمالي احتياجات الأردن من مادة القمح التي يقدر الاستهلاك المحلي منها سنويا بحوالي مليون طن يتم استيرادها من مناشئ مختلفة .
منذ عقود والحديث عن نية الحكومة انشاء بنك للبذور ليس فقط للمحافظة على الأصول والسلاسات الجينية الأردنية ولكن لأجل استنباط نوعيات محسنة منها أيضا تستخدم في الزراعة في الوقت الذي يشهد فيه العالم تغيرات مناخية بدأت تنعكس على المواسم الزراعية.
في الأردن مثلا نشهد تحولات في القطاع الزراعي لمناطق كانت توصف بالصحراوية ومنذ سنوات تتساقط فيها الامطار والثلوج بكثافة كمحافظة المفرق التي أصبحت تحقق اكتفاء ذاتيا للسوق المحلي من العديد من أصناف الخضار وأدت لانخفاض أسعار بعض المنتجات مثل العنب والزيتون والرمان والبطيخ وأصناف مختلقة من الخضار والفواكه وغيرها .
مشروع بنك البذور وعلى أهميته لم ير النور حتى الآن رغم أن الفكرة مطروحة منذ حوالي 30 عاما عندما حيث قال المركز الوطني للبحوث الزراعية ان انشاء بنك البذور كان ضمن خططه عام 1993 كمشروع للحفاظ على البذور البلدية وحفظ الاصوال الوراثية النباتية من الضياع والحفاظ على هويتها الوطنية .
وبحسب مدير المركز فان تاريخ الجمع لبعض السلاسات يعود الى العام 1927وتشمل القمح والشعير والعدس والفاصوليا والباميا والحمص والبندورة والفقوس وغيرها.
أمس الأول قال وزير الزراعة أن الوزارة بصدد إنشاء بنك وطني للبذور سيكون حاضنا للأصول الجينية للبذور الأردنية وأنه تم طرح عطاء منذ فترة وجيزة لتحقيق هذا الغرض .
والسؤال : هل نحتاج الى كل هذه السنوات من التفكير والتخطيط لانجاز مشروع استراتيجي ويشكل ركيزة أساسية في منظومة الأمن الغذائي المعرض اليوم للخطر أكثر من أي وقت مضى ؟. نأمل أن ينشأ البنك بمنهجية تدعم القطاع الزراعي بحيث يعود الخضار الى بلادنا مثل زمان « ونوكل من خيراتها أحسن ما نبقى تحت رحمة الدول الأخرى».