د.منصور محمد الهزايمة
عرسنا الديمقراطي
بقلم: د.منصور محمد الهزايمة
يبدو أن وصف يوم الانتخاب بالعرس الديمقراطي له ما يبرره لكن أخشى أن المقارنة مع أعراسنا تقع في الجانب السلبي بما يتخللها من ممارسات منفلتة تخالف القانون أبرزها إغلاق الشوارع وإطلاق النار والألعاب النارية مما قد يقلب افراحنا أحيانا الى اتراح وللأسف فإن عرسنا الانتخابي يحفل بمظاهر شبيهه غير حضارية تشوه الصورة المنشودة ليوم أملنا باستمرار أن يكون عرسا وطنيا بامتياز.
انتهى العرس وظهرت النتائج وشهدنا ما قد اصبح من ضرورات عرسنا الوطني من المرشحين والناخبين على حد سواء إذ تبقى ردة الفعل لدينا عاطفية بعيدة عن الاتزان فالناجح وفريقه كما الراسب وقبيله لا يتورعون عن القيام بما قد يعكر صفو الوطن والمواطن ويفسد الصورة الجميلة.
لم أر على سبيل المثال أحدهم يعترف بهزيمته ويعلن بروح رياضية أنه خرج من السباق فيظهر على الناس ليعبر عن قناعته بالإجراءات ويعلن اخفاقه ويبارك لزملاءه ويدعو قاعدته لمباركة المعرسين ولم أر بالمقابل فائزا يدعو مريديه الى الإحتفاء بصورة حضارية بعيدة عن التعصب ومخالفة النظام.
جاء العرس الديمقراطي هذا العام بما صاحبه من مظاهر سلبية ضمن ما هو متوقع لكن الأهم أن السيدة نزاهة هذه المرة لم يتعرض لها احد بقول ثقيل ويبدو أن كل فريق صحا واستفاق على حقيقة تمثيله في الشارع وبما أن رضا الناس غاية لا تدرك فلا بأس من بعض المناكفات هنا وهناك.
اكثر ما احتفى به الإعلام كجديد هذه الانتخابات هو مشاركة الإسلاميين بجماعتهم وجمعيتهم وزمزهم ووسطهم والمستقلين منهم وبدا أن النتيجة التي تحققت لهم كانت مرضية ومقنعة لغيرهم رسميا وشعبيا وتعكس حضورهم في الشارع وهنا يبرز أن الإسلاميين خاصة الإخوانيين منهم تصرفوا ببراغماتية لافتة بدلالة تحالفهم مع من كان بالنسبة لهم ليس على الشاطئ البعيد فحسب بل في فسطاط أخر وبدا أيضا أنهم تخلوا عن فرضية امتلاكهم زمام الشارع وقيادة حراكه فهل رأى أحدكم أو سمع بشعار “الإسلام هو الحل”؟!.
واقع الحال يقول إن الإسلاميين اليوم لا يمكن وضعهم بسلة واحدة او أنهم يمتلكون مزاجا واحدا وأن التحالفات التي تمت بين اطياف متباينة لم تجتمع يوما في موقف أو حراك بل كانت الغاية “ندخل عتبة المجلس معا ومن ثم الفراق”.
يتوقع البعض أن يعود المجلس الثامن عشر بنكهة إسلامية غابت عنه لثماني سنوات بسبب الحرد غير المنتج ولكن بناءً على المعطيات الحالية هل يمكن التنبوء بقدرة الإسلاميين وحدهم أو حتى مع حلفاءهم على الجلوس معا في ركن المعارضة الوطنية الهادفة التي تنشغل بقضايا الوطن والمواطن وتبتعد عن مناكفات ترفع من وتيرة التعصب والاحتقان؟ ام أنها سترهق الوطن بقضايا إقليمية وطموحات غير واقعية ممتدة إلى خارجه؟.
ربما تكون معركة الرئاسة بمثابة المحك الذي تتحدد على أساسه أمور كثيرة فقد يقف الإسلاميون بألوان طيفهم الممتد خلف رجل له حضوره وخبرته في العمل البرلماني والإسلامي ويحضى بالإحترام وطنيا مما قد يوصله الى سدة الرئاسة لكن هل يعني ذلك ان الأمور ستسير في المجلس وفق توازنات لا تتجاوز الطيف الإسلامي لهذا السبب بالذات؟
عندما يكون العكايلة نفسه من الخارجين على الجماعة منذ زمن وإذا كان الإسلاميون أنفسهم لهم حساباتهم ورؤاهم الوطنية والسياسية المختلفة التي لا تتفق مع نظرة الجماعة التي تعاني بدورها من انعدام الشرعية وإن فرحت بفوزها بعدد محدود من المقاعد حصاد تجربة حزبية تمتد لسبعة عقود خلت فإن المراهنات جميعها تصبح في مهب الريح.
الشارع الأردني اليوم يزداد احتقانا لأسباب وطنية ومعيشية ويخشى أن تزداد فيه نزعة التشدد والتعصب المشينة لذا فنحن اليوم أحوج ما نكون لخطاب العقل والاعتدال من جميع أركان ومؤسسات الدولة وخاصة مجلس النواب وأخص الإسلاميين فيه فطالما تقدم بلدنا دائما بقوة الاعتدال وسقط غيره بغلواء التشدد.
قطر-الدوحة