قبل أيام نشرت بعض المواقع الالكترونية والإخبارية قصة رجل مغترب أُصيب بمرض خبيث ، حيث قام ذاك الرجل (بعد أن وصل معه المرض الخبيث مراحل متقدمة) بالنشر على صفحته وعلى صفحات أخرى اعتذاراً لإخوانه بما فعله قبل أكثر من عشر سنوات ، حيث يقول بأنه نادمٌ على ما اقترف بحقهم من خلال استغلال والده قبل وفاته وإجباره على التوقيع والتنازل عن كافة الأملاك العائدة له وبحضور المحامي ليكون شاهداً على التوقيع … ويكمل قوله بأنه لا يعرف إخوانه ولا أخواته من بعد ذلك الفعل … ويطلب منهم المسامحة وسيقوم بإعادة الحقوق لهم قبل أن يرحل إلى الدار الآخرة … ربما من يقرأ هذه القصة يلوم ذاك الرجل على تأخره بإعادة الحق لأصحابه ويعزو ذلك الفعل (إعادة الحق لأصحابه) بسبب المرض والخوف من قرب الأجل ، ويقول لو لم يصب بالمرض لبقي الوضع على حاله ، بالمقابل تجد أناس اعتبروا هذا الفعل بطولة وعوده إلى الله والرجوع إلى الرشد ، ويقولوا : كم من شِدّة خَلّفت ورائها شَدّة إلى الله … فالعاقل من يؤيد الرأي الثاني ويعتبره الصواب ، ولنا بالواقع والمشاهد أكبر دليل ، بالأمس القريب شَكَت واشتكت إحدى السيدات من فعل والدها المريض والذي شارف على التسعين من عمره ، حيث تقول : قبل وفاته بشهرين دعا أبناءه الذكور إلى مجلسه واتفق على أن يقوم بالتنازل لهم عن جميع أملاكه علماً بأن له ثلاثة بنات متزوجات ، وفعلاً تم التنازل لهم (بغض النظر بالرضا أو بالضغط من الأولاد الذكور) ، وكانت حجته عندما سألته إحدى بناته بقول: بدك تروح أرضنا وأملاكنا لابن فلان الغريب ، مع أن بناته يتناوبون على خدمته أكثر من أولاده الذكور ، ومع هذا بقيت البنات في خدمته بعد التنازل للذكور … نقول بأن المجتمع مليء بتلك الجرائم البشرية البشعة التي ما أنزل الله بها من سلطان ، لكن العاقل من يدرك ذلك قبل فوات الأوان ، والفرق كبير بين الرجل المغترب الذي أعاد الحقوق لأصحابها وأصطلح مع الله قبل أن يصطلح مع إخوانه (طخّه الحنت) ، وبين من هو على فراش الموت وخايف تروح الأرض للغريب وهي بنته أو أخته… والله هذا بده مليون حنت ما بقطع فيه… والحكمة تقول : احذر ضربة القريب ، فقد تعلمنا من قصة يوسف أنه قد لا يكون أعداؤك في وطن آخر بل ممن يقاسمونك رغيف خبزك وأنت لا تدري !!!