عبد المهدي القطامين يكتب:
ليس كمثله صباح فهو صباح ندي وفجر كان فيه الوطن…يومها الهبنا بسياطنا ظهورهم وكان مشهور يصول ويجول كانت الغورانيات يندهن يا .. لثارات الوطن .
اليوم يوم كرامتنا التي عصفت بهم وكان السعيد البعيد الذي يولي هاربا فيما كانت الاحداثيات من عيرا ويرقا تطارده وكانت العباديات يندهن في الجنود ان خلص زيت المدافع سمنا البلدي موجود فارموا يا عيال لا شلت .
تلك هي كرامتنا وهناك كانت فلولهم وعويلهم وصراخهم …نريد وقف اطلاق النار فيرد الحسين الكبير …لا وقف وجندي لكم لم يزل في ارضنا …الله الله الله الله اكبر كان النداء الخالد يتردد في الشونة الجنوبية في داميا قرب مدرسة الغوارنة التي لم تزل شاهدة على غدر اليهود وخستهم .
من يبايعني على الموت ؟
كان صوت يتردد في لاسلكي الحجاب وكان الجواب …كلنا يا ابن ابي وامي …ارمي …ارمي ونحن كلنا سنحمي ظهرك .
… اللَّعنة، من أين تأتي كل هذه النيران سيِّدي، لقد فقدنا جزءًا كبيرًا من مدرَّعاتنا التي قطعت الجسر… وأشلاء العسكر باتت تملأ الوادي، أبرَقَ المقدَّم ” شلومو” لقائده “عوزي ناركيس”، (نريد أن تحمينا الطائرات، سيِّدي الوضع كارثي….)، كان “عوزي” آنذاك يجالس مَن معه مِن الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء الذين وعدوا بأن تكون قهوتهم على مرتفعات السلط، بدت على وجهه المحمرّ ملامح الدهشة والغضب، لم يستطع الردّ على مراسل صحفي وجَّه له السؤال مباشرة: “ما الذي حدث سيادة القائد وأين وعدك لنا؟!”، وراح جهاز اللاسلكي ينقل الأخبار السيِّئة: “لقد بلغ عدد قتلانا أكثر من خمسين جنديًّا سيّدي والساعة لم تبلغ بعد الثامنة صباحًا… إنهم يخرجون من كل حدب وصوب يقاتلون بثبات ولا تستطيع الطائرات أن تلقي حممها على ساحة المعركة، السلاح الأبيض وحده سيدي الآن الذي يحسم المعركة
الشمس ترتفع في الافق تتعامد تماما مع مزارع الغور التي تصاعد منها الدخان والاحمر القاني يتمازج مع الافق الممتد وعلى الجسر كان جنودهم يفكون سلاسلهم ويهربون من دبابات كانت تحترق ودوي المدافع من اعالي عيرا ويرقا يزمجر لا بقاء لكم في ارضنا قالها جودت وردد الجند خلفه لا بقاء …نعم لا بقاء .
ضابط الملاحظة الملازم أوَّل “خضر شكري” يُبرق لقائد الجبهة: “سيدي تمّ محاصرتنا من قوّات العدوّ، سأعطيكم إحداثيّات الموقع الآن وأرجو أن يتمَّ قصف موقعنا حالًا، لن نقع في الأسر سنموت ولكن شهداء…”. “من أيِّ صخرٍ قُدَّ قلبكَ يا خضر ابن يعقوب…!”، راح العقيد ”مشهور” يردِّد وهو يوزِّع نظره في القادة المحيطين به في غرفة العمليّات التي أخذت ترتجّ جرّاء القصف المدفعيّ للعدوّ، فيما كان صوت الملازم “خضر” يتردَّد عبر الجهاز: “أحاط العدو موقعي، ارموا موقعي.. دمِّروا موقعي، إني نلتُ الشهادة في سبيل الله، أرجوكَ سيدي الآن، الآن ليكُن القصف؛ سيموتون جميعًا، وسيكونون قتلى ونكون نحن الشهداء… أرجوكَ سيدي لن أستطيع أنْ أتصل بكُم مرَّة أخرى إنهم يقتربوووون….”. وحين راحت مدفعيّة كتيبة “خضر” تدكّ موقعه أقسم بعض الجنود الذين أدركوا الواقعة أنَّ السماء بدت آنذاك تبتسم، وأنهم شاهدوا روحًا مضرجة بالدم كانت تحفّها أجنحة بيضاء صعودًا نحو السماء
ولم تكد شمس اذار تلملم بقاياها في الافق الغربي حتى ارتقى الحسين المرتقى الصعب على ظهر دبابة كانت تحترق والتف حوله القادة فيما لعلعت زغرودة كركية ابتسم الحسين ربت بيده على اكتاف الرجال وراح يردد …الله حيهم النشامى …لقد صنعتوا النصر .