د. علي منعم القضاة
القراء الأعزاء؛ أسعد الله أوقاتكم بكل خير، أينما كُنتُم، وحيثما بِنتُم، ونحن نتفيأً ظلال عيد الفطر المبارك كل عام وأنتم وذويكم جميعاً بألف خير، نتذاكر سويًّا في شذراتي العجلونية، ففي كل شذرة منها فكرة في شأن ذي شأن، ننطلق من عجلون العنب والذَّهب، عجلون الحُبِّ والعتب؛ لنطوف العالم بشذراتنا، راجيًا أن تستمتعوا بها. وسوف يكون الجمهور الرئيس لهذه الشذرة من الزميلات والزملاء أعضاء الهيئة العامة لنقابة الصحفيين الأردنيين، ومن بعدهم كل المهتمين بالعمل العام والعمل النقابي
يكثر الحديث بين الزميلات والزملاء الصحفيين، وعلى العديد من المجموعات العامة والخاصة عن انتخابات نقابة الصحفيين القادمة، وعن أداء المجلس الحالي، أحاديث بين مد وجزر، ما بين متفائل، و”متشائل” في أن تكون قابل الأيام أفضل لنقابتنا ومنسوبيها ومما لا شك فيه أنه ليس من عمل يقوم به الإنسان إلا ويعتوره النقص، فالكمال لله وحده، ولكن المطلوب من أي شخص يتصدى للعمل العام، أن يبذل قصارى جهده في خدمة مهنته ومجتمعه وزملائه.
سوف أعتمد في مقالي على مبدأ نيلسون مانديلا الذي يقول (المحاسبة بل من أجل المصالحة الوطنية، وليس من أجل المعاقبة)، وهو مبدأ كتبته في مقالة وجهتها يوما ما في صيف عام (2007) إلى المرحوم رئيس الوزراء الأسبق الدكتور معروف البخيت، وكنت متسائلاً في حينه بالقول: صباح الخير دولة الرئيس: إلى أين تتجه بوصلتنا في العمل الإداري.
ضبابية تعريف الإعلامي
غدا مصطلح الإعلامي فضفاضاً، وأصبح الأمر محيراً! فهو مصطلح يطلقه على نفسه كل من ينشر خبراً؟! أو يبث مقطعاً؟! أو يصور مشهداً ما؟! ويقول ما يريد، بما لا تتفق مع أي معايير أخلاقية ولا اجتماعية، ثم يجد له/لها طابوراً من المؤيدين والمشجعين بل ومن المسحجين، وهم ليسوا إعلاميين، ولا يعرفون أبجديات العمل الإعلامي.
وقد بات واضحاً أن شبكات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الاتصال المختلفة تسببت بفوضى إعلامية عارمة، في ضوء تعامل القسري، أو “حتمية تكنولوجية” من كل فئات المجتمع، وأصبحت تشكل خطراً حقيقياً على الإعلام كمهنة، وعلى الإعلاميين المحترفين، وطغى الإعلام الرقمي على حقول الإعلام المختلفة، وأصبح المجتمع الرقمي من أخطر الأنظمة المجتمعية في العصر الحديث، وهذا يستوجب تدخل مؤسسي وقانوني من النقابة.
تدخل النقابة واجب مهني وقانوني إن انتحال صفة الإعلاميين والصحفيين، من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالمهنة يُعدُ تعدياً سافراً علينا وتدخلاً واضحاً في اختصاصنا ومهنتنا كإعلاميين (صحفيين). فهل يجرؤ أي شخص على انتحال صفة محامي وتقبل مرافعاته لدى المحاكم، أو انتحال صفة طبيب وتقبل به وزارة الصحة، أو أن يقول عن نفسه مهندساً، أو حتى قابلة قانونية، دون إجراءات رسمية مثبتة، ويتم التحقق منها مسبقاً، ودون أن يكون عنده ترخيص رسمي وإذن مزاولة؟؟!! بكل تأكيد لا.
هذا التعدي يتطلب تدخلاً قانونياً صريحاً ومباشراُ وحازماً جداً من نقابتنا لمنع هذا التسيب في انتحال صفة ومهنة الإعلاميين، وأعتقد أن المتابع موضوع انتحال صفة الإعلامي قانونياً لمن لا يحملون مؤهلاً في الصحافة والإعلام، من أهم واجبات النقابة القانونية.
وهي دعوة إلى نقابة الصحفيين كي لا تترك الحبل على الغارب لكل من هب ودب، ولكنها نصيحة أيضاً لمجالس نقابتنا المتعاقبة أن تعيد النظر من جديد في توسيع المظلة لصنوف مهنية إعلامية جديدة تنضوي تحت مظلتها الرسمية، علاوة على ما هو موجود حالياً، بعد أن تصوب أوضاع كل العاملين حالياً، والمنخرطين في الحقل الإعلامي.
بين يدي اجتماع الهيئة العامة
تلقينا في الهيئة العامة دعوة من مجلس النقابة لحضور الاجتماع العام يوم الجمعة 19/4/2024، رغم التحفظ على الاجتماعات أيام الجمع، ولكننا سوف نلبي النداء كالعادة، وسوف نناقش إضافة إلى التقرير المالي والإداري ما نستطيع، أو على الأقل نطرح موضوعات للنقاش، وهي ما استطعت استخلاصها من نقاشات تدور على بعض المجموعات لزميلات وزملاء صحفيين، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
- إن الساحة الإعلامية تغص بالأدعياء الذين ينتحلون صفة الإعلاميين، وإنه من وجهة نظري أول واجبات محامي النقابة الموكل عنها رسيماً، بأن برفع قضية مباشرة لدى المحاكم النظامية على كل من ينتحل صفة إعلامي/إعلامية وهو لا يحمل مؤهلاُ علمياُ في الإعلام، وليس عضواً في نقابة الصحفيين الأردنيين، دون أن ننتظر رفع دعوى من أي جهة حكومية أخرى.
- ولذلك فإنني اقترح على مجلس النقابة الحالي، أو القادم تشكيل (تسمية) لجنة رصد، من أعضاء الهيئة العامة؛ تكون مهمتها رصد وتوثيق تجاوزات أي شخص يقوم بهذا التصرف غير القانوني. ومقارنة تلك التصرفات مع القوانين الناظمة للعمل الإعلامي والمتعلقة بموضوع انتحال الشخصية.
- إن حالة الانفلات في الساحة الإعلامية تحتاج موقفاً حازماً، صارماً لا يقبل الهوادة أبداً، ويجب عدم ترخيص أي موقع إخباري لا تنطبق عليه شروط التعامل مع النقابة، والانصياع لشروط النقابة، كما هو الحال مع بقية الصحف الورقية، ومؤسسات الإعلام الأخرى، دون استثناء لأحد، أو تجاوز من أحد.
- إذا أردنا نقابة فاعلة، يجب أن يكون هناك شمول كامل لكل من يحملون مؤهلات في الصحافة والإعلام وتمنعهم بعض التعليمات، أو الأنظمة، أو حتى القوانين من أن يكونوا أعضاء فاعلين وممارسين في النقابة، وبث روح ودماء جديدة من الأجيال الجديدة والواعدة.
- يجب -وأعتذر عن هذا التعبير- عدم محاربة الأجيال القادمة، من أبنائنا وطلبتنا الحاصلين على مؤهلات علمية في الصحافة والإعلام من الالتحاق بنقابتهم، فهذا حق مشروع لهم، كما هو حال بقية المهن والنقابات في الأردن. فهناك المئات من الزميلات والزملاء الذين يعملون في المجال الإعلامي، وهم مبدعون ومتميزون في عملهم بكل ما في الكلمة من معنى، وهم مؤهلون في الصحافة والإعلام، ولكنهم ليسوا أعضاء في النقابة.
- نحن لسنا “بدعاً من النقابات”، ولنا أسوة بالزملاء العاملين في كل المهن الموجودة في الأردن، والتي يصبح من حق كل من يحمل مؤهلاً اكاديمياً في التخصص عضواً في نقاباته بعد اجتياز امتحانات معينة، أو/و تدريب معين. وهنا أقترح إعادة التفكير في التدريب المعتمد لدى النقابة؛ إذ يجب أن تكون كل أنواع التدريب بإشراف مباشر من نقابة الصحفيين.
- وكذلك البحث في إمكانية التعاون (الاتفاق) على التدريب بين نقابة الصحفيين الأردنيين مع كليات وأقسام الإعلام التي تدرس الصحافة والإعلام بكل فروعها، وحتى وزارة التعليم العالي (منهج)، والمؤسسات الإعلامية المعتمدة لدى النقابة، التي يتلقى فيها الطلبة تدريبهم المعتمد لدى النقابة، بخصوص مقرر التدريب العملي الذي يكون مقرراً على الطلبة في الفصل الأخير، أو السنة الأخيرة من مرحلتهم الجامعية الأولى، وإمكانية تفعليه بطريقة عملية تخدم الطلبة، وتلبي متطلبات النقابة للانتساب.
- من وجهة نظري هناك خلل في التشريعات يجب تصويبه، كي يصبح جميع من يحملون مؤهلاً علميا في الإعلام أعضاء ممارسين لهم كامل حقوق الصحفيين الممارسين إذ يجب العمل على حذف النقطة (هـ) من المادة (5) من القانون الحالي. وتعديل النقطة (و) من المادة (5) من هذا القانون لتشمل كل الإعلاميين العاملين في العمل في المؤسسات الإعلامية.
- كما يجب العمل على حذف البند رقم (5) من النقطة (د) من المادة (5) من قانون نقابة الصحفيين رقم (24) لسنة (2014) والتي تجيز لمن يحملون الشهادة الجامعية الأولى في أي تخصص غير الصحافة، أو الإعلام، من ممارسة المهنة ودخول النقابة.
- كل هذه الأمور تحتاج إلى ورشة، أو/و ورش عمل متعددة ومتخصصة ومتتابعة تراجع كل التشريعات من الألف إلى الياء (A-Z)، وتضع النقاط على الحروف بما يخدم كل من يحمل مؤهلاً في الإعلام، ويمارس المهنة.
الدكتور علي منعم القضاة
أستاذ مشارك في الصحافة والإعلام الرقمي
E-mail:dralialqudah2@gmail.com
Mob: +962 77 77 29 878