د. محمد كامل القرعان
في ظل التحديات التي تواجهها المملكة اليوم، نجد أنفسنا أمام حملات إعلامية ممنهجة تهدف إلى زعزعة استقرار دولتنا وتماسك شعبنا ولإضعاف الثقة في مؤسسات الدولة ومواقف الأردن تجاه القضية الفلسطينية تحديدا، مما يكشف عن نية مبيتة لإفشال الموقف الأردني الثابت بكل المقاييس.
فهذه الحملات، التي تقودها جماعات تتلقى أوامرها من الخارج، ليست سوى تعبير عن حالة اليأس والإفلاس السياسي التي تعيشها هذه الجماعات، والتي تحاول من خلالها التشكيك في قدرة الدولة على مواجهة التحديات وإثارة القلاقل بين أبناء الشعب الواحد.
وهذه الحملات ليست وليدة الصدفة، بل تُدار من خلايا إرهابية تعمل لصالح قوى خارجية تسعى لإفشال النموذج الأردني الثابت
والتاريخي تجاه القضية الفلسطينية وقضايا المنطقة، ويستغلون الأزمات الإقليمية
والدولية لبث الفرقة بين الأردنيين خاصةً في ظل الإنجازات الاقتصادية والسياسية التي تحققها المملكة تحت قيادة جلالة الملك عبد اللهالثاني. لقد أصبح واضحاً أن هذه الشائعات تستهدف تدمير الوحدة الوطنية وزعزعة الأمن القومي، وهي جزء من أجندة خارجية تهدف إلى النيل من استقرار الأردن والمنطقة العربية بأكملها، وكما يزعمون أنهم يدافعون عن الدولة والإسلام، ولكنهم في الحقيقة يستخدمون الدين كأداة للسيطرة على الشعوب وخدمة مصالحهم الخاصة.
أن الأردن أكبر من أي جماعة أو كيان، وهو قادر على تجاوز كل هذه المحاولات اليائسة، ونحن نؤمن بأن الأردني الواعي لن ينخدع بهذه الفخاخ، وسيقف صفاً واحداً للدفاع عن وطنه ومؤسساته وتعزيز القيم الوطنية والعمل على تحقيق المصالح العليا للبلاد، ولن يسمح لأحد بأن ينال من عزيمتنا أو وحدتنا.
وتسعى هذه الحملات الممنهجة لخدمة أجندات خارجية إلى تشويه جهود الدولة في وقف الحرب على غزة وفرملة المشروع الإسرائيلي في قضية التهجير القسري للفلسطينيين من ارضهم، وتستهدف فرض «سيناريوهات الفتنة» عبر
مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بتزايد حجم الأكاذيب والشائعات التي تستغل تحديات الدولة، ليس هذا فحسب بل يهدف إلي صناعة حالة من الانقسامات داخل المجتمع مستخدمةً أدوات قذرة لتحقيق أهداف أسيادها في الخارج.
المحاولات اليائسة هذه تؤكد تورطهم في خدمة مشاريع إقليمية تتعارض مع المصالح الأردنية والعربية، على الرغم أن زيادة الشائعات تزامنت مع إعلان مؤسسات دولية وإعلامية عن رفض الأردن للتهجير، ما يكشف محاولات يائسة لإضعاف الثقة في الموقف الأردني فالقوى الوطنية والأحزاب الإعلاميون مطالبون
بتكثيف الجهود لمواجهة هذه الحملات، واطلاق برنامج توعوي بالتعاون مع تحالف الأحزاب لتدريب الشباب على كشف الشائعات والرد عليها بوعي.
والأردن كعادته سيظل صامدا أمام كل محاولات الاختراق، وأن الشعب الأردني قادر على حماية وطنه بوعيه ووحدة صفّه، مُطالباً المجتمع الدولي بكشف الدور التخريبي للجماعات الإرهابية وداعميها رغم ان الأردن سيواصل مسيرته بثبات وبكل قوة وإصرار وتحقيق تقدم ملحوظ في العديد من المجالات.
ان الأردن يتحرك بشكل عاقل ومتزن في سياساته الخارجية، كما أن قادة الولايات المتحدة وأوروبا أكدوا أنه لا يمكن الإستغناء عن الدور الأردني في الملف الفلسطيني انطلاقا من الدور المحوري والرئيسي في وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات، وهذا الدور, يمتد لعقود في الملف الفلسطيني وموجود بفاعلية في كل أزمات المنطقة: والمجتمع الدولي يقدر أهمية هذا الدور جيدا، لا سيما أن الأردن ليس لها أجندات خفية وموقفه واضح.
فالاردن قدم الكثير من أجل القضية الفلسطينية، وحاليا عليه مسؤولية تاريخية تجاه أشقائه من الشعب الفلسطيني.
وقد اكد جلالة الملك عبد اللّٰه الثاني أهمية إقامة الدولة الفلسطينية وحل الدولتين، ولا يوجد أي بديل عملي لحل القضية الفلسطينية سوى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس
الشرقية كما حذر من أن غياب الأفق السياسي سيؤدي إلى الإنفجار في المنطقة.
وسيظل الأردن قوي بشعبه وقيادته وجيشه واجهزته الأمنية، ولن يضعف أمام محاولات هذه الجماعات للعبث بأمنه واستقراره مما يتطلب من جميع القوى الوطنية والقومية إلى التكاتف والتعاون لمواجهة هذه التحديات.