باسم سكجها
استأنف الكتابة، بعد توقّف ثلاثة أشهر اضطرارية اختيارية، وكانت فُرصة للتأمّل في ما يكون من أمورنا العامة، والغريب أنّها كانت ملأى بالموت والتخبّط والعطش والجوع والقهر، وكانت مليئة أكثر بالمزايدات وتشكيل اللجان حول ماء وفيضانات وبحر ميت، والقاء اللوم على الآخرين، لننتهي كما ابتدأنا: الحقّ على الآخرين، وهذا كان خلال الحكومة العتيدة (العتيدة في اللغة العربية تعني الحالية!).
وحين توقفت عن الكتابة، كانت الحكومة طازجة، طريّة، وتُقدّم الوعود بالحلول الدائمة، وتُطالبنا بالصبر القليل، وشدّ الحزام، وكلّ ذلك لأنّها ستصل إلى تحقيق الوعد بنهج جديد، وبعقد اجتماعي متجدّد، وفي هذه الاثناء كان لدينا تعديلان حكوميان، وفي الطريق ثالث، وربّما رابع، واليوم أقرأ أنّ صديقنا الخبير المجرّب عبد الرؤوف الروابدة يضع نفسه مضطراً ليكون متنبئاً سياسياً، ويقول: عمر الحكومة الافتراضي سنة واحدة.
هذا يعني أنّ الحكومة الحالية لن يصل إلى أكثر من شهر تموز المقبل، وهذا يعني أنّها بدأت رحلة الهبوط، ولكنّني أخالف أبا عصام قليلاً، لأقول إنّ الحكومة ناجحة في المضي قدماً للوصول إلى استحقاقاتها الدستورية، حيث ثلاث سنوات ونصف السنة، وربّما أكثر، فهي حكومة قادرة وواصلة و”تعمل المطلوب منها”، باعتبارها تجاوزت الصعب الأوّل، من حيث ضريبة الدخل وبأقلّ الأضرار، وستمرر قانون الجرائم الالكترونية بيسر وسلاسة، وكذلك قانون الموازنة العامة مع بعض من “المهاوشات التلفزيونية”، ولكنّ الأمر هو في آخر الأمر، حيث تحقيق الهدف: اقرار القوانين الجدلية، و”تسيير المرحلة”.
وهذا أمر يستأهل الكتابة أكثر…
ولكن، دعونا ننتظر…
ويستوقفني خبر حول البنزين والقصدير والحديد وربّما مواد غيرها لا نعرفها، يقول إنّ الرئيس السابق هاني الملقي الصديق كان في رحلة علاج حين أقرت حكومته المواصفات البنزينية، ومع ذلك فالخبر يؤكد أنّ ذلك كان أصلاً قبل حكومته، وهكذا فنحن في حيرة بين الحكومات حول “الوقود”.
قبل أسبوع أو أكثر، ترك الرئيس الأسبق عبد الله النسور صمته وخرج بمقابلة دافع فيها عن مرحلته، وبالارقام التي يتقنها، قدّم شرحاً تفصيلياً لأسباب المديونية التي ازدادت خلال مرحلته بمتوالية هندسية.
قبلها، كان الباشا المخضرم عبد الهادي المجالي يُلقي بسهامه من جعبته الخصبة على المنظومة السياسية بأنّها منعت البيئة الصحية عن الحياة الحزبية، وعدّد الأحزاب التي شكّلها، وهي في آخر الأمر حزب واحد، ولاقت محاربة واضحة…
اليوم، يخرج صديقنا التاريخي الدكتور ممدوح العبادي بتصريح يدافع فيه عن التوزير المتعلق بعائلته، وكان على حقّ بأنّ هؤلاء يستأهلون، ولكنّه اضطر لسبب دعم رأيه إلى مهاجمة وزير قادر وشاطر في مهنته، لأنّه أتّى من “الشارع السياسي”، ونسي هو أنّه أتى أصلاً وفي بداية الأمر من “الشارع السياسي”.
أطلت الحديث في عودتي للكتابة، ولكنّّها البداية، ولحديثي عن التخبّط السياسي الاقتصادي الأردني بقية، وخصوصاً عن الغضب الكامن في الشارع ممّا يحصل حوله، لأنّ “الشارع الأردني”، لم يعد غبياً ليقتنع بـ”سواليف الحصيدة” العتيقة…