أ.د.عبدالله الزعبي.
سلام عليكم أيها الفتية…سلام
د. عبدالله الزعبي.
اليوم تنفس الفجر بأنسام تفوح بعبق أمل وضرع، تمتزج بهتاف حناجر يانعة تعلن ساعة نصر على الغفوة والسبات، تنفض غبار اليأس عن الروح المتعبة وتزجر وسواس النفس الأسيرة للقنوط. اليوم عند الفجر، عزف الفتية الحاناً تبعث الفرح في القلب، تغرس الجمال في الحياة والزهر في الأرض، شباب تائق إلى الحسن في الأنسان والألق في الأمة، وعزة أوطان يخلدها بالألباب ونون اليراع والمداد، شباب نضا ثوب الدروشة والكهنوت وألقى كل صكوك الغفران، شباب تهفو عيونه المتلألئة بالفخر إلى العوم في بحور العلم والرقص في مروج العمل والكدح والإبداع، جيل بأكمله يرنو لمكان تحت الشمس يتنفس فيه نسمات الكرامة والحرية وعزة النفس والحياة.
عام وينيف، تكاتفت العقول والنفوس فيه، بصمت وكبرياء، وثلة طيبة من جنود مجهولين، خلف الستائر والأضواء، تخطط وتعمل وتسهر، تؤمن بأن الأمة قد تسهو وتغفو لكنها أبداً لا تموت، حتى في حالكات الليل البهيم، في الزمن العقيم، رغم أنف العدو والمؤامرة، إبن جلدتها والغريب، من أبي رغال وإبن العلقمي إلى الجلبي ولحد وعبيد اوسلو و”سرقة القرن” والوشاة وسماسرة التطبيع، رغم أنف بلفور وقلب الأسد ولورنس وترامب القبيح. أمة حية حتى لو أحرقت كل كتب إبن رشد والمعتزلة، حتى إن حُرم العقل والرياضيات وقُتل غيلةً المأمون. أمة حية لا تموت وقائدها محمد السراج المنير، الصادق الأمين، وفيها أهل بيته مصابيح الظلم، فيها سبطيه عصم الأمم، رغم السقيفة، فيها سليمان وصهيب وبلال، أمة تمتزج الإخوة فيها ناصعةً، عرباً أقحاحاً من قوم عيسى غرسوا في الأرض منذ آلاف السنين، كراماً طيبين.
عزف المهندسون ليلة البارحة لحناً شجياً ينبيء بغدٍ تحيا به الرغائب الذابلة في وطن حزين، وطن سئم الشك والخوف والثرثرة، وطن غفر للأمس والبارحة، عفا عن الإقصاء والتهميش والرعونة البائسة، وطن يصبو اليوم إلى يد تجمع شتاته، إلى طبيب يلملم جراحه، إلى فارس عربي حر ينير سراجه ويبث الحياة في أوصاله. قد غرس الفتية بالأمس فسيلة أمل، مثابة درس للمرتجفة، إن سقيت أينعت، إن رويت رقرقت وإن رعيت أثمرت، ضياءها قبس ونورها هداية. فسلام عليكم أيها المهندسون سلام، سلام عز على الفتية الأوفياء.