
باسم سكجها
لم أزر السعودية في حياتي، مع أنّني جّبت بلاد العرب طولاً وعرضاً،ولا تربطني بها أية علاقة لها صفة المصلحة، ولكنّها ظلّت تمثّل لي بالطبع بلد الكعبة، التي نوجّه وجوهنا لها في كلّ صلاة.
وأكثر من ذلك، فالسعودية التي يسمّونها شبه الجزيرة العربية، تحمل في أحشائها كلّ الدُرر، كما البحر، من الحجيج الذي لم ينقطع مذ أربعة عشر قرناً وأكثر، إلى الذهب الأسود إلى الذهب الأصفر، إلى ما يمكن احصاؤه من الموارد الطبيعية التي وهبها الله سبحانه وتعالى بها.
حين اجترح الملك سلمان بن عبد العزيز فكرة ولي ولي العهد، وعهدها إلى إبنه محمد، ظنّ الكثيرون أنّ المسألة تتعلّق بحبّ الأب لإبنه، وإيثاره له، ولكنّ ما اتّضح بعدها أنّ الملك كان يختار الأفضل لبلاده: السعودية.
وهكذا، وفي مسار سلس صار ولي ولي العهد ولياً للعهد، يملك القرارات، وحين بدأ برحلة التحديث، حمل كثيرون ظنون أنّ ذلك الأمير الشاب يذهب إلى المجهول، في بلاد شاسعة، تحمل في ثناياها تناقضات الماضي، وصعوباته.
لو كتبت كلماتي هذه قبل سنوات، لكان من حقّ المشككين أن يقتلوا رأيي بكثير من الآراء، ولكنّ ما حصل منذها صار يؤكّد أنّ البلاد السعودية صارت تحمل شكلاً آخر، لها من وجه الماضي الكثير، ومن المستقبل أكثر!
ليس هناك من مناسبة اليوم لأكتب عن الأمير محمد بن سلمان، مع أنّ هناك في كلّ يوم مناسبة، ولكنّ ما يجري في جزيرة العرب يستدعي الانتباه، فقد نصل إلى ما يريده الرجل من تحديث لا يعتمد على نفط وذهب، فحسب، بل على رؤية مستقبلية يستاهلها ذلك المكان الأثير على قلب كلّ عربي ومسلم، وللحديث بقية!