د. عبيدة الربابعة
مع التطور والتقدم التكنولوجي الكبير، لم يعد الإعلام كما كان قبل عقدٍ من الزمن، فالثورة الرقمية المتسارعة، بقيادة الذكاء الاصطناعي (AI)، أعادت رسم معالم المشهد الإعلامي بجميع أشكاله، من الصحافة المكتوبة إلى الإذاعة والتلفزيون والإعلام الرقمي، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي أدوات أساسية في الإنتاج الإعلامي، بدءًا من جمع المعلومات وتحليلها، وصولًا إلى تحرير المحتوى ونشره بطرق أكثر كفاءة وسرعة.
مع انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، شهدت مهنة الصحافة تحولات جوهرية، حيث أصبحت العديد من المهام التقليدية مؤتمتة. وعلى الرغم من المخاوف من فقدان بعض الوظائف، إلا أن الذكاء الاصطناعي خلق فرصًا جديدة للإعلاميين القادرين على التكيف مع المتغيرات، فقد باتت الحاجة ملحة إلى متخصصين في تحليل البيانات الصحفية، وإنتاج المحتوى التفاعلي، وتوظيف التكنولوجيا في تقديم الأخبار بطرق مبتكرة.
لا يمكن لإعلام المستقبل أن يتطور دون مواكبة أكاديمية تعكس هذه التحولات، لذا أصبح من الضروري أن تدمج كليات ومعاهد الإعلام الذكاء الاصطناعي ضمن مناهجها، عبر تدريس أدوات تحليل البيانات، وأساسيات البرمجة، وتقنيات التحرير الرقمي، مما يضمن تهيئة الطلاب لسوق العمل الجديد.
لا يمكن تطوير الإعلام الأكاديمي دون تكاتف الجهود بين الجامعات، والمؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، فمن خلال توفير برامج تدريبية متخصصة، وإنشاء مختبرات إعلامية رقمية داخل الجامعات، وتعزيز التعاون مع الشركات التقنية، يمكن تهيئة بيئة متكاملة لتطوير الإعلام الرقمي الحديث.
في ظل هذه التحولات، يقع على عاتق الإعلاميين المستقبليين مسؤولية كبرى الا وهي: التوازن بين التكنولوجيا، والقيم الصحفية، فلا يجب أن تكون سرعة النشر على حساب الدقة والمصداقية، ولا يمكن أن يكون المحتوى المنتَج آلياً، خاليًا من البُعد الإنساني.
ختاماً، الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا للمهنة الإعلامية، بل فرصة لإعادة تعريفها، الإعلامي الناجح اليوم، هو من يمتلك الأدوات الرقمية الحديثة، لكنه في الوقت نفسه يحافظ على جوهر العمل الصحفي: الدقة، الموضوعية، والمسؤولية تجاه الجمهور، فكما غيرت الطباعة عالم الصحافة في الماضي، يغير الذكاء الاصطناعي معالم الإعلام اليوم، ومن يتأقلم أولًا، سيكون في طليعة المشهد الإعلامي المستقبلي.
oubaidahrbabah@gmail.com