
الدكتور متري شبلي الزريقات
في خطاب العرش السامي أمام مجلس الأمة اليوم، تحدث جلالة الملك عبدالله الثاني بلغة الدولة الواعية، والقائد الذي يعرف طريقه ويقرأ المشهد بدقة ومسؤولية. لم يكن الخطاب احتفالياً ولا تقليدياً، بل كان رسالةً صريحة بأن الوطن يدخل مرحلة جديدة من العمل والمساءلة والتحديث.
حين يقلق الملك، فذلك ليس قلق الخوف أو التردد، بل قلق الوعي والمسؤولية. هو قلق القائد الذي يرى في كل تحدٍ فرصة للبناء، وفي كل أزمة اختباراً لصلابة الدولة ومؤسساتها. قلق جلالته هو القلق الذي يصنع النهضة، ويؤسس لوعي وطني جمعي يدرك أن الحفاظ على الوطن لا يكون بالشعارات بل بالفعل.
في كلماته، شدد جلالة الملك على أن الإصلاح لم يعد خياراً بل واجباً وطنياً، وأن الدولة القوية هي التي تحاسب نفسها قبل أن تُحاسَب، وتعمل بصمت وتنجز بفاعلية. حمل الخطاب دعوةً للحكومة إلى المبادرة لا الانتظار، وللبرلمان إلى ممارسة دوره التشريعي والرقابي بأمانة، وللمواطن إلى أن يكون شريكاً في الإصلاح لا متفرجاً عليه.
وفي البعد الإقليمي، أكد جلالته ثوابت الأردن الراسخة تجاه القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مجدداً موقف المملكة الثابت في الدفاع عن القدس والمقدسات المسيحية و الإسلامية وحماية الحق العربي في وجه كل محاولات التهميش أو الالتفاف.
لقد كان الخطاب الملكي بمثابة جرس إنذارٍ إيجابي، ورسالة طمأنينة في آنٍ واحد. جرسٌ يذكّر الجميع أن المسؤولية الوطنية لا تقبل التراخي، وطمأنينةٌ بأن القيادة تمسك بزمام الأمور بثقةٍ وحكمةٍ واقتدار و يثق بالمواطن الأردني .
إن قلق الملك هو طاقة الدولة المتجددة. ومن هذا القلق البنّاء يولد الإصرار على الإصلاح، وتتعزز هيبة المؤسسات، ويستمد الأردنيون عزيمتهم في مواجهة التحديات.
فكلما قلق الملك، ازداد الوطن ثباتاً، وازداد الشعب يقيناً بأن الأردن سيبقى كما أراده الهاشميون: وطناً آمناً، حراً، منيعاً، شامخاً في وجه الصعاب و التحديات في المنطقة .
إن الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، يمضي واثقاً بخطاه، ثابتاً بمواقفه، مخلصاً لرسالته الهاشمية الخالدة. ومن قلق القائد تولد يقظة الوطن، ومن عزيمة الملك تنبض إرادة الأردنيين. فالمستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع بالإيمان والعمل، وبوحدة القيادة والشعب التي كانت وستبقى سر قوة الأردن وعنوان صموده.
حفظ الله الاردن و مليكها و ولي العهد و شعبها
