محمد المحتسب
هناك دعوة لتحويل الإعلام الرسمي إلى مؤسسة استثمارية بدواعي مواكبة التطور التكنولوجي في مجال الإعلام الرقمي ودور الذكاء الاصطناعي في تطوير وتحسين المنتج الإعلامي والإعلاني نصا وإخراجا ، وكأن الإعلام الرسمي لا يمكنه أن يستوعب هذا التطور التكنولوجي ويستفيد منه في تطوير وتحسين منتجه، إن ذلك ممكن ومقدور عليه إذا ما تم تحديثه تقنيا ورفده بالكفاءات الشبابية القادرة على التعامل مع مخرجات ما جد من تقنيات جديدة في مجال الإعلام .
هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى، اعتقد ان الظرف الحالي أحوج ما يكون فيه الوطن إلى إعلام رسمي يخاطب الداخل والخارج ويعبر عن سياسة البلد بكل مصداقية وشفافية وأمانة بعيدا عن مسألة الربح والاستثمار و النظر الى الرسالة الإعلامية من منظور التجارة وتحقيق الأرباح على حساب القيم والثوابت الوطنية والقومية والمنظومة القيمة الاخلاقية والدينية .
إن ما يحتاجه إعلامنا الرسمي الإيمان به والثقة بدوره ، ورفده بدماء شبابية تملك ناصية التقنية الحديثة بعيدا عن التوظيف بالمحسوبية والجهوية والمنفعة الشخصية، مع جرعة مرتفعة من الحرية والثقة بقدرة القائمين على الإعلام الرسمي في التعامل مع الأحداث والتطورات بما يخدم الثوابت الوطنية وركائز السياسة الأردنية بلا خوف أو تردد . والنظر إلى العاملين في وسائل الإعلام على انهم فنانون موهوبون وخلاقون ومبدعون ، ذلك أننا يمكن أن نجد بسهولة مئات الكتبة والموظفين العاديين ولكننا لا نستطيع أن نجد مذيعا ذا صوت مميز أو كاتبا ومعدا خلاقا أو مخرجا موهوبا مبدعا إلا بصعوبة بالغة.
ونقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها ، أليس الإعلامي في القطاع الخاص مثله مثل من يعمل في الإعلام الرسمي؟ ألم يتخرج من الجامعة ذاتها وطور مهاراته وموهبته في المختبر ذاته؟ المسألة تكمن في سقف الحرية المعطى لهذا وذاك ، ودرجة الثقة المتفاوتة التي يحصل عليها الطرفان ، والإمكانيات المادية والحوافز المعنوية التي تتوفر لهذا ولا تتوفر لذاك .
وأخيرا ، إن الإعلام الرسمي ضروري تواجده وتطويره وتحديثه لانه درع لا يمكن لأي نظام في دول العالم الثالث أن يستغني عنه سعيا وراء ما تحتاجه الاوطان من التنمية والتطوير والتحديث وتشكيل الرأي العام المستند إلى المعلومة الصادقة والدراسة المبنية على الأسلوب العلمي المتين .