محمود خطاطبة
افتتاح جلالة الملك، يوم الاثنين الماضي، بنك البذور الوطني، قرار إستراتيجي، يُشار إليه بالبنان، وخطوة ضرورية وفي غاية الأهمية.
وتُعتبر أكثر من رائعة، لما لها من إيجابيات ستعود حتمًا بالنفع على الوطن والمواطن، خصوصًا أنها تأتي في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، ووسط تلاطم أمواج تضرب المنطقة، احتمال كبير أن لا يسلم من شررها أي كان.البنك يهدف إلى الحفاظ على السلالات الوراثية النباتية، وتحسين جودة البذور، ما يُسهم في تطوير قطاع الزراعة، وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي، وقد نتعدى حدود الوطن إلى ما هو أبعد، خاصة أن الأردن كان في يوم من الأيام يُصدر الكثير من الزراعات، وعلى رأسها السلعة الإستراتيجية (القمح)، إلى العديد من الدول.وتكمن أهمية مثل هذا البنك، في أنه يُحافظ على نباتات، تصلح زراعتها في مناطق الأردن كافة، أو بمعنى ثان في مُعظم بلاد الشام، وهو ما تم التفريط به من قبل، فمثلًا كان الأردن يمتلك سلالات من مادة القمح، التي تصلح للزراعة بمُختلف مناطق المملكة، وبالتالي تأتي بإنتاج مُميز ووفير، تُساهم بالاكتفاء الذاتي من هذه المادة.وميزة تلك السلالة من القمح، أن حبة القمح الواحدة كانت تُنتج، وقت حصادها، سنبلة تحتوى على سبع حبات، على عكس السلالة من القمح الألماني أو الأميركي، حيث تُنتج السنبلة الواحدة منه ما بين ثلاث وخمس حبات في حدها الأعلى فقط.كما أن سلالة القمح الأردني، أو لنقل قمح بلاد الشام، في حال تخزينه وزراعته مرة ثانية في العام اللاحق، يأتي بنفس الجودة والكمية، على عكس القمح الألماني أو الأميركي، حيث لا يمُكن زراعته مُجددًا، وفي حال تم زراعته فإنه لا يأتي بمحصول يُذكر أبدًا.من هُنا تأتي قيمة وأهمية بنك البذور الوطني، خصوصًا أن القائمين عليه يؤكدون “أن هذا البنك يضم عينات لبذور قديمة، يعود بعضها إلى العام 2027”.. نأمل أن يكون من بينها مادة القمح، خصوصًا أن المساحة المزروعة بالقمح في الأردن، انخفضت في العام 2020، بما نسبته 37.4 %، مُقارنة بالعام 2019.وفي حال لم يكن لدى البنك الوطني، سلالة مادة القمح الأردني، أو ما يُعرف بقمح بلاد الشام، فإن القائمين عليه مُطالبون بتأمين هذه السلالة، فالقمح يُعتبر سلعة إستراتيجية لكُل بلد من بلدان العالم، خصوصًا أن نسبة الاكتفاء الذاتي من هذه المادة، حسب أحدث الأرقام الرسمية، تصل إلى 3 بالمائة فقط.يتوجب استغلال هذا البنك، بما يضمه من سلالات نباتية، ومن ثم دعمه من خلال تزويده بسلالات أُخرى، يحتاجها الوطن، خاصة أن الأردن يشهد تراجعًا في المساحات المزروعة بالمواد الأساسية، فضلًا عن أن نسبة الأراضي الزراعية الإجمالية تبلغ 10 بالمائة فقط، من أصل 89 ألف كيلومتر مُربع هي مساحة المملكة الإجمالية، في حين أن 3 بالمائة فقط من هذه المساحة هي مُستغلة زراعيًا.يبقى أن أُشير إلى نقطة في غاية الأهمية، وفي الوقت نفسه مُستغربة، والتي تتمثل بأن المساحة المزروعة بالشعير تفوق تلك المزروعة بالمادة الرئيسة لكل دولة ولمواطنيها، وهي القمح!.